6 - المراة عام

الغيرة ورفض الاعتراف بها

يحاول الجميع إخفاء شعورهم بالغيرة ويرفضون الاعتراف بها، فكل امرأة شعرت في يوم من الأيام بهذا الألم الفظيع الذي تحت وطأته يمكن لبعض النساء أن يرتكبن أبشع الجرائم مثل القتل أو الانتحار. لكن ما إن تمر بضع ساعات وربما فترة أطول على ذلك الإحساس حتى تسأل نفسها: «ما الذي دهاني؟ لماذا شعرت بذلك  الإحساس؟».
وهنا تأتي الإجابة مختلفة من امرأة إلى أخرى، فشعور الغيرة منتشر جدّاً بين البشر ومعقد ومخادع أيضاً، وهو يخفي وراءه غالباً مجموعة من الإحباطات، والرغبات
المكتومة.
وهو شعور يأتي من بعيد، ومن أعمق أعماقنا، من
الطفولة.
أحياناً، تكون الغيرة مخفاة حتى عن صاحبتها، فلا تعرف أنها في الحقيقة تغار. ومن بين كل الأحاسيس الإنسانية، فبالتأكيد الغيرة هي أكثر شعور يخفيه الإنسان عن الآخرين، ذلك لأنّهم عادة يسيئون
تأويله.
نحن نخجل من كوننا نغار، ولا نفهم كيف تحدث الغيرة ولماذا، لكن الأكيد أن هناك أشياء كثيرة يمكن تعلمها من هذا
الشعور.

من أين تأتي الغيرة؟
حسب المحللين النفسيين، فإن كل الناس شعروا بالغيرة مرات عدة خلال فترة الطفولة، ولابدّ من أن تجربة غيرة الطفولة لدى البعض كانت قاسية جدّاً لدرجة أن أثرها سيستمر لديهم مدى الحياة. وعندما تشعرين بالغيرة وأنت بالغة، فإنكِ في الحقيقة تعيشين مرّة أخرى ذلك الألم الذي عشتيه وأنتِ طفلة صغيرة، حيث الطفلة لا تتحمل، مثلاً، أن تبتعد أمها عنها لتهتم بشخص آخر. حينئذ تشعر الصغيرة بأنّ العالم كله ينهار من حولها، وتشعر بأنّها
مهمَلة.
هذا الإحساس يمكّنها من الخروج من حالة الالتصاق بالأُم. ويحضر هذا الإحساس أيضاً عند الفطام، وهي مرحلة صعبة في حد ذاتها، ويحضر كذلك في اللحظة التي تستعد فيها الطفلة لاستقبال صدمة كبيرة بالنسبة إليها، ألا وهي عندما ستكتشف أنها لم تعد الطفلة الوحيدة لأُمّها وأبيها، بل ان هناك طفلاً آخر، وذلك عند إنجاب أخ أو أخت
لها. الطريقة التي تعيش بها الطفلة تلك الصدمة الأولى، ومدى ذكاء الأُم والأب في التعامل مع هذه المرحلة، هما الفارق الذي يجعل بعض البالغين يتجاوزون إحساس الغيرة بسرعة، وآخرين يبقى جرحهم ذلك وشماً في ذاكرتهم
ووعيهم.

اترك ردا