7 - تقارير وتحقيقات عام

دلدل.. دبابة صنعت في البصرة لخوض معارك ضد داعش في صلاح الدين

كانت الدهشة واضحة على وجوه أهالي منطقة ريفية نائية تقع ضمن ناحية الدير في محافظة البصرة، عندما شاهدوا دبابة غريبة تجوب شوارع منطقتهم قبل أن يعلموا انها الدبابة “دلدل” التي صنعها عناصر من الحشد الشعبي بالاستفادة من هيكل ناقلة جند مدمرة وأجزاء دبابات عثروا عليها في موقع للتخلص من الحديد الخردة.

 ويقول المقاتل المتطوع ضمن صفوف لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية علي عبد حمادي إن “فكرة تصنيع الدبابة تعود الى قبل ثلاثة أشهر”، مبيناً أنه “قبل أقل من شهر باشرت فعلياً مع ستة من عناصر الحشد الشعبي بتنفيذ المشروع”. ويضيف حمادي “توجهنا الى موقع لتكديس الحديد الخردة تابع للشركة العامة للحديد والصلب في ناحية خور الزبير، وهناك عثرنا على هيكل ناقلة جند مدمرة، فقمنا بتنظيف الهيكل ونقلناه الى ورشة لتصليح الشاحنات والمركبات الإنشائية تقع قرب بيوتنا في منطقة نهران عمر التابعة إدارياً لناحية الدير”،.

ويبين حمادي أنه “بعد أن نجحنا في ترميم الهيكل وتحصينه بصفائح معدنية جديدة مضادة للرصاص حصلنا على أجزاء دبابات مدمرة منذ الثمانينات واستخدمناها بعد تصليحها في ايجاد أول دبابة عراقية الصنع بجهد مدني”.

ولفت حمادي البالغ من العمر 41 عاماً الى أن “فريق العمل يواصل الليل بالنهار من أجل انجاز الدبابة التي هي بالأصل عبارة عن ناقلة جند غير قتالية، ولكن تم تحويرها وإعادة تصميمها لتكون قتالية من خلال تصنيع برج متحرك جديد، وتجهيزها بمدفع رشاش مزدوج (ثنائي) من عيار 32 ملم”، مضيفاً أن “الدبابة ستنجز كلياً بعد يومين، وخلال أقل من اسبوع سوف ننقلها الى مدينة سامراء لغرض استخدامها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي”.

ويأمل حمادي، وهو المشرف على تصنيع الدبابة، أن “تكون في طليعة القوات التي سوف تقتحم ناحيتي العلم والدور لتطيرهما من الزمر الارهابية”.

ويشير الى أن “فريق العمل لم يواجه صعوبات أو تحديات كبيرة خلال تصنيع الدبابة باستثناء ما يتعلق بناقل الحركة، إذ أن الناقل الوحيد الذي حصلنا عليه كان غير صالح للاستخدام، ما اضطرنا الى تفكيكه واستبدال مكوناته التالفة بأخرى مشابهة لها تم تصنيعها بجهد ذاتي داخل الورشة”، معتبراً أن “الدبابة هي الأولى من نوعها لكنها لن تكون الأخيرة، حيث نعتزم تصنيع ثلاث دبابات أخرى في غضون الأشهر القليلة المقبلة لسد النقص الشديد الذي تواجهه فصائل الحشد الشعبي من ناحية التسليح، وبخاصة الأسلحة الثقيلة”.

وبحسب المشارك في تصنيع الدبابة هيثم ماضي فإن “الدبابة تم تحريكها واطلاق النار منها بنجاح وسط دهشة أهالي المنطقة الذين استغربوا وجودها قرب بيوتهم وبساتينهم قبل أن يكتشفوا حقيقتها”، موضحاً أن “الدبابة نعول عليها في تقليل الخسائر البشرية التي يتكبدها عناصر الحشد خلال المعارك، كما تمكنهم من اختراق دفاعات العدو”.

وأضاف ماضي في حديث لـ السومرية نيوز، أن “الدبابة أطلقنا عليه اسم (دلدل)، وهو اسم الفرس التي كان يمتطيها القائد الإسلامي المختار بن عبيد الثقفي الذي رفع شعار (يالثارات الحسين) ولاحق وقتل من شاركوا في قتل الإمام الحسين بن علي (ع)”.

ويوضح أن “عملية تصنيع الدبابة جرت بتمويل ذاتي، ولكن إحدى المؤسسات الدينية في محافظة كربلاء وعدتنا بتغطية التكاليف تشجيعاً لنا ودعماً منها للواء علي الأكبر (أحد فصائل الحشد الشعبي) الذي صنعت الدبابة خصيصاً له”.

يذكر أن العراق نجح للمرة الأولى في عام 1989 بتصنيع دبابة حملت اسم (أسد بابل)، وهي نسخة عراقية للدبابة الروسية (M T-72)، وكانت تجري عمليات التجميع بالاعتماد على قطع بولندية الصنع وأخرى عراقية داخل مصنع ألماني للحديد والصلب في منطقة التاجي، وحتى عام 2003 كانت معظم الدبابات التي بحوزة قوات الحرس الجمهوري من نوع (أسد بابل)، وبالرغم من التفوق الكبير للدبابات الأميركية من نوع (Abrams) على الدبابات العراقية، إلا أن مصادر عسكرية أميركية أكدت أن دبابات من نوع (أسد بابل) تابعة لفرقة (توكلنا على الله) دمرت بمدافعها دبابتين من نوع (Abrams) تابعتين للفرقة المدرعة الأميركية الأولى خلال معركة دبابات تخللتها حرب الخليج الثانية في عام 1991.

وقبل البدء بتجميع دبابة (أسد بابل) أجرى العراق تحسينات وتعديلات على الدبابة الصينية (Type 69) التي كان الجيش العراقي يمتلك الكثير منها، فيما لم يسبق تجميع أو إعادة تصنيع دبابة من قبل مدنيين عراقيين.

اترك ردا