7 - تقارير وتحقيقات عام

الرّجل العراقيّ يفضّل ان تكون الزوجة الثانية سرّية

قال المدرّس هاشم (57 سنة)، وهو ليس اسمه الحقيقيّ، في بغداد، في 12/1: “تزوّجت من أرملة تعمل مدرّسة، وتسكن في مدينة كربلاء (108 كلم جنوب غربيّ بغداد)، ودافعي إلى ذلك حاجتي إلى امرأة في المستوى الدراسيّ والثقافيّ نفسه، بعدما ذقت ذرعاً، بزوجة أميّة لا تعرف حتّى فكّ الحرف”.

وتخرّج هاشم، “، من قسم اللّغة العربيّة في جامعة بغداد في عام 1982، وتزوّج منذ عشرين عاماً من ابنة عمّه، المرأة القرويّة الأميّة، حينما كان يقيم في الرّيف في أطراف بغداد.

وقال هاشم: “بعد عام 2003، ارتفع راتبي الشهريّ، وتحسّنت حالتي المعيشيّة. وبعد أن تعرّفت إلى زميلة لي في المهنة، اتّفقنا على الزواج”.

وبصراحة متناهية، قال هاشم: “إنّ زوجتي الأولى لا تعلم عن زواجي الثاني، لكن زوجتي الجديدة تعرف أنّي متزوّج من قبل وتقدّر الظروف الّتي جعلتني أرتبط بإمرأة، ليست في المستوى الّذي أتمتّع به”.

ورغم اعتراف هاشم بأنّه اقترن بامرأة لا توازيه في الثقافة، إلاّ أنّه أنجب منها أربعة أطفال، وهو فخور بذلك.

 وهذه الازدواجيّة في السلوك بالعيش مع زوجة لمدّة عقدين من الزمن وإنجاب أربعة أطفال، ثمّ الادّعاء بأنّها لا تناسبه، ممّا اضطرّه إلى الزواج الثاني، برّرته الباحثة الاجتماعية والناشطة في مجال حقوق المرأة سوسن القيسي في 12/1 في بابل (100 كلم جنوبيّ بغداد)، مشيرة إلى كونه “نفاقاً اجتماعيّاً، يستند على تبريرات واهية، وهو نتاج ثقافة رجعيّة تنظر إلى المرأة كسلعة، يبيعها الرّجل، وقت يشاء”، وقالت: “إنّ الادعاء بعدم التّجانس الثقافيّ بعد فترة طويلة من الزواج أمر غير مقنع”.

وتنتشر ظاهرة الزوجة الثانية، العلنيّة منها، والسريّة، الّتي لا تعرفها الزوجة الأولى في المجتمع العراقيّ، وازداد تعدّد الزوجات بتحسّن دخل الفرد.

وفي حين يبرّر الّذين يؤيّدون ذلك أنّ الدين الإسلاميّ يسمح بتعدّد الزوجات، كما أنّ قانون الأحوال الشخصيّة لسنة 1959، يجيز تعدّد الزوجات بإذن القاضي، ويشترط القدرة الماديّة للزوج، وأن تتوافر مصلحة مشروعة في الزواج مرّة أخرى مثل مرض الزوجة الأولى بشكل يمنعها من أداء واجباتها تجاه الزوج، او عدم قدرتها على انجاب الأطفال الذي يعد امرا هاما في استمرار الزواج في العراق. إلاّ أنّ المعارضين يعتبرون ذلك ظاهرة “متخلّفة”، لا تمّت إلى العصر بصلة، وتجرّ إلى مشاكل اجتماعيّة، أبرزها التفكّك الأسريّ وضياع الأطفال.

وهناك مشهد آخر لظاهرة تعدّد الزوجات يرسمه العسكريّ حسن جاسم، ورغم أنّه لم يتجاوز الثلاثين من عمره، إلاّ أنّه تزوّج للمرّة الثانية، وقال ” في بغداد، في 12/1: “هناك انسجام تامّ بين زوجتيّ الاثنتين، فهما تعيشان مع والدتي في المنزل نفسه”.

أضاف: “تزوّجت للمرّة الثانية من أخت صديقي الأرملة، إنقاذاً لها من البقاء وحيدة من دون زوج، لا سيّما أنّها لم تنجب أطفالاً من زوجها الأوّل، فيما تنتظر اليوم طفلها الأوّل بعد زواجي منها”.

وتختلط التبريرات الدينيّة بالاجتماعيّة لدى جاسم، إذ أشار إلى أنّه “اقتدى بنصيحة مرجع دينيّ شجّع فيها على الزواج من الأرامل والمطلقات والعانسات”.

وتبرز ظاهرة تعدّد الزواج جليّة وواضحة مع ازدياد أعداد الأرامل بسبب الحروب الّتي خاضها العراق على مدى ثلاثة قرون. كما ترتفع أعداد المطلّقات والعانسات، من غير توافر إحصائيّة دقيقة، وهو ما يدعو الباحث والأكاديميّ وناشط في مجال حقوق الانسان الدّكتورسلام جبار من جامعة القادسيّة، في الديوانيّة (193 كلم جنوبيّ بغداد)، إلى القول  في الديوانيّة في 12/1: “إنّ الزواج الثاني في المجتمع العراقيّ أصبح ضرورة ملحّة”، داعيا “الزوجة الأولى إلى تفهّم ذلك، وألاّ تضطر الرّجل إلى اللّجوء إلى الزواج السريّ”.

وبقدر تعلّق الأمر، بعمله كمدير الإعلام في مفوضيّة حقوق الإنسان في العراق، انتقد جواد الشمري في حديثه لـ”المونيتور” في 12/1 في بغداد، “النظرة المتدنّية للمرأة”، مؤكّدا في الوقت نفسه أنّ “تواصل الجنسين في مواقع التّواصل الاجتماعيّ وارتفاع دخول الرجال من الموظفين أو العاملين في القطاع الخاصّ، عزّز ظاهرة تعدّد الزوجات”.

أمّا الباحث والكاتب والناشط المدني علي سرحان، فاختلف في تفسيره للظاهرة، عمّا ذهب إليه باحثون ومحلّلون في هذا التّقرير، إذ أرجع الظاهرة، في 11/1، في بغداد إلى”العقدة الجنسيّة لدى العراقيّين”، وقال: “هذه العقدة تتمظهر في أشكال مختلفة في ما يتعلّق بقضيّة الزوّاج، فبغياب الحريّات والتخلّف الاجتماعيّ والاقتصاديّ، تكون خيارات الزواج أقرب إلى القسر، أيّ لا تخضع إلى الاختيار الحرّ”.

أضاف: “ما حدث أخيراً شيوع نماذج جماليّة بسبب وسائل التّواصل الجديدة، تضع الرّجل تحديداً أمام هذا المدّ العاصف من الإغراءات، فضلاً عن كون المرأة في مجتمعنا غيرمتطلّعة للحاق بالرّجل، إضافة إلى تحسّن الوضع الاقتصاديّ لدى البعض، مقابل الكتلة الهائلة للعوانس أو اللّواتي تخلّفن عن قطار الزواج، فكلّ هذا جعل الطريق سالكة للزوجة الثانية”.

وفي السياق ذاته، يعتقد الباحث في قسم التّحقيقات الاجتماعيّة في جريدة “الصباح” العراقيّة قاسم موزان، ” في 12/1، في بغداد، أنّ “الزوجة الثانية للرّجل الشرقيّ هي بمثابة عشيقة له، ويمارس معها الدور، طال الأمد أم قصر، لأنّ الرجل مهما امتلك من شجاعة، إلاّ أنّه ضعيف أمام المرأة الشرقيّة المحافظة فيلجأ إلى (واحة خضراء)،هي الزوجة الثانية”.

ورأى موزان أنّ “الرجل الشرقيّ مظلوم في علاقته مع الزوجة. ولهذا، فإنّ أغلب الشرقيين يحتاجون إلى زوجة سريّة”.

 ويُرجع شيخ في عشيرة الكلابيين ماجد الكلابي، ” في 11/1، في بابل، الظاهرة إلى”القدرة الماديّة الّتي تجعل من تعدّد الزواجات ممكناً. كما أنّ البيئة الاجتماعيّة تعزّز احتمال الزواج الثاني والثالث، فتكثر في الرّيف والمجتمعات المحافظة، والقليلة التعليم أكثر منها في المدن والطبقات المتعلّمة من المجتمع”.

وفي حين رأى الكلابي أنّ “تعدّد الزوجات يعزّز كرامة المرأة بسترها بالزواج والحيلولة دون انجرافها وبقائها وحيدة، من دون معيل”، إلاّ أنّ النّاشطة النسويّة والحقوقية علياء القاضي، في بابل اعتبرت ذلك، في حديثها لـ”المونيتور”، في 12/1 “امتهانا للمرأة، وتصرّفاً تعسفيّاً في المجتمع الذكوريّ تجاهها”.

وفي كلّ الأحوال التي ينتقد بها البعض تعدد الزوجات، او يمدحها البعض الآخر، وعلى اختلاف وجهات النظر، فإنّ ظاهرة تعدّد الزوجات تبقى الظاهرة الاجتماعيّة الأبرز بين الظواهر الأخرى مثل الطلاق والدعارة،الّتي تميّز المجتمعات الشرقيّة عن الغربيّة.

اترك ردا