6 - المراة عام

معمل السجاد اليدوي في بابل.. إبداع لأنامل المرأة في حفظ التراث

جلس جنان العبيدي منذ اول دخولها قاعة مصنع السجاد اليدوي صباحا وحتى الساعة الثانية ظهرا للعمل على انجاز سجادة تحمل صورا لبوابة عشتار مستخدمة ادوات بدائية دون ان يكون للالة الحديثة اي دخل في عملها, فالمرأة الأربعينية تضع امامها صورة البوابة مرسومة على ورقة بيانية ليسهل عليها عملية تسقيط الشكل على السجادة اثناء العمل.عمل جنان على انجاز سجادة بقياس لايتجاوز المتر يستغرق اربعة اشهر نظرا لدقة تصميم اللوحة على السجادة من قبيل تحديد الألوان والزوايا الخاصة بالشكل المراد تنفيذه على السجادة.

وتقول جنان التي عملت في المصنع منذ افتتاحه عام 1993 إن “العمل في مصنع السجاد اليدوي يتطلب تركيزا خاصا فالخطأ مهما كان بسيطا فأنه يؤثر على انجاز العمل وربما يؤخر انجازه بعد ان يفرض عليك اعادته من جديد, فالعمل هنا يتطلب أيضا مهارة وذكاء”.

وتؤكد ان “العمل اليدوي في انتاج المصنع هو من اعطاه القيمة المالية والمعنوية لدى المهتمين بالاشياء الثمينة والاثرية فغالبا ما يكون انجازه بدقة عالية وبنوعية ذا جودة مميزة”, مشيرة الى أن “المعمل ينتج حاليا سجاد البازاريك الذي يعود تاريخه الى القرن الخامس قبل الميلاد”.

في قاعة الانتاج داخل المعمل تشترك مع جنان اكثر من 75 امرأة في العمل، فهن ينقشن انواع مختلفة من السجاد الذي يحمل صورا لرموز مدينة بابل الاثرية وبعض المراقد المقدسة في البلاد, الامر يقتصر على النساء فقط ولاوجود للرجال في معمل السجاد اطلاقا.

اسراء كاظم احدى العاملات في المعمل تعلل سبب عدم وجود الرجال بعدم قدرتهم على تحمل طريقة العمل والجلوس لاكثر من سبع ساعات في مكان واحد وهو ما تتحمله المرأة في المعمل.

وتبين أن “المعمل عمل على تصنيع سجادة عراقية نوع (البازاريك) يعود تصميمها الى القرن الخامس قبل الميلاد التي تعد من اقدم ما صنعه الانسان العراقي، وبقيت الى هذا الزمن حيث توجد السجادة الاصلية التي قام بصنعها شعب وادي الرافدين في القرن الخامس قبل الميلاد في متحف (هرمتاك) في مدينة سان بطرس بيرك الروسية”, مؤكدة ان “اعادة تصنيع السجادة تم بالتنسيق مع معامل السجاد الـسبعة المنتشرة في العراق”.

حال المعمل بعد عام 2003 تغيير الى حد اثر على عملية تسويق منتوجه كما هو الحال بالنسبة لجميع الصناعات في العراق مع انه ينتج واحد من أجود انواع السجاد الاثري في المنطقة.

مديرة المصنع نعيمة الخفاجي اكدت ان “المعمل يعتمد في تسويق انتاجه على المعارض التي تقيمها وزارة الصناعة والمعادن بالإضافة الى البيع المباشر على بعض المهتمين بالتحفيات والأشياء التراثية بالإضافة الى شراء بعض القطع من السجاد التي تحمل صورا لمدينة بابل الأثرية من قبل الحكومة المحلية لتقدمها هدايا لبعض الوفود الرسمية التي تزور المحافظة من خارج البلاد”.

وتقول إن “المعمل يتعذر عليه انتاج المفروشات من السجاد الا بطلب من قبل زبون معين بسبب ارتفاع اسعار المنتوج ما يتعذر على الكثير من الناس شرائه”, لافتة الى ان “غياب الدعم الحكومي للمنتوج المحلي تسبب ايضا بتراجع الصناعة المحلية”.

وتضيف الخفاجي ان “هذه الصناعة تواجه تحديا خطيرا متمثلاً بدخول السجاد الميكانيكي ذو الاسعار الرخيصة الى السوق العراقي ما فوت الفرصة على المواطن العراقي من معرفة قيمة صناعته الوطنية في السجاد اليدوي الذي يتميز بمواصفات عالية الجودة والمتانة وتعدد الالوان والتصاميم الفنية المستوحاة من تاريخ وتراث وحضارة العراق”.

اترك ردا