7 - تقارير وتحقيقات عام

مشروع قناة الجيش الذي لم يُنجز.. شللٌ يقطع العاصمة

مشروع تطوير قناة الجيش لم يكن المشروع المتلكئ الوحيد لأمانة بغداد ولكنه الأكبر من حيث الفترة التي قضتها الشركة المنفذة وهي (شركة المقاولين العرب المصرية)، والذي تحوم حوله الكثير من شبهات الفساد.

وقناة الجيش التي افتتحت في سنة 1961 لها اهمية جغرافية عند البغداديين كونها اول مرفق سياحي مجاني وجاءت الفكرة من الزعيم عبد الكريم قاسم والذي ترجم شعار الجيش للحرب والاعمار، حيث زج قطعات الجيش في جهد هندسي كمشروعات شق الشوارع والجسور والقنوات.

ولمعرفة أسباب الشلل الذي أصاب هذا المشروع الحيوي، أشار رئيس لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي لـ”الغد برس”، ان “مشروع قناة الجيش من المشاريع المهمة في العاصمة والذي تحوم حوله شبهات فساد، وتم تحويلة الى هيئة النزاهة ومن ثم الى محكمة النزاهة للحكم بشان المخالفات التي حصلت بهذا الملف”، لافتا الى ان ” البرلمان استضاف اكثر من مسؤول في امانة بغداد، ولكن هذا المشروع لم يكتمل حتى الان، وعلى القضاء حسمه بشكل حازم”.

ويبلغ طول مشروع التطوير 23.5 كم ويمتد من محطة قناة شرق دجلة الى منطقة الرستمية ويمر ضمن دوائر بلديات الرصافة، الصدر، الشعب، الاعظمية، فلسطين، وبغداد الجديدة.. حيث خصص للمشروع 146 مليون دولار، واحيل المشروع الى شركة المقاولين العرب وشركة الغري ثم شركة (ديوان العمارة) كجهة استشارية في عام 2011.

واضاف الزوبعي ان “مسؤولي امانة بغداد قدموا حججاً غير مقنعة خلال استضافتهم في البرلمان”، مشيرا الى ان “من خلال الاستضافات التي حصلت قبل شهر للقائمين على الملف وعدوا بإتمامه خلال شهرين ولكن حتى الان المعطيات تشير الى ان الشركة غير قادرة على انجازه بهذه الفترة، لأن على ما يبدو ان الشركة غير مختصة بهكذا مشاريع كبيرة”.

وتبلغ كلفة المشروع (146) مليون دولار يتضمن إكساء القناة البالغ طولها (47) كم ذهاباً وأياباً بالحجر وانشاء مساحات خضر واقامة (12) موقفاً للسيارات و(12) نفقاً و(16) ملعباً للأطفال وملاعب أخرى للياقة البدنية و(4) مسابح مع ملحقاتها كافة و (4) مسارح صيفية كل مسرح بمساحة (100) م2 مع إنشاء (11) مطعماً صغيراً و(40) كشكاً، فضلا عن إنشاء (8) مدراس للزوارق ونصب (4700) مصطبة للجلوس و(40) مكاناً مسقفاً بمساحة (30) م 2 لكل واحد إضافة الى زراعة اعداد كبيرة من الاشجار والنخيل وعمل منظومات للري بالتنقيط.

وحمّل الزوبعي “امانة بغداد مسؤولية تلكؤ مشروع قناة الجيش، لانها لم تتخذ الاجراءات المناسبة الرادعة بحق الشركة المنفذة” مشددا على “ضرورة اتخاذ اجراء سريع بهذا الملف”.

من جهته، قال رئيس لجنة الخدمات النيابية ناظم الساعدي لـ”الغد برس”، ان “امانة بغداد لديها مشاريع متلكئة منها مشروع ماء الرصافة الكبير ومشروع قناة الجيش”، مؤكد ان “لجنة الخدمات استضافت المعنيين في امانة بغداد عن المشاريع المتلكئة وامين بغداد، فضلا عن مهندسين الشركة المعنية، وكانت هناك وعود بالانجاز، ولكن امانة بغداد لم تفِ بإنجاز هذه المشاريع، ولم نلمس الجدية الكافية لدى الامانة في حسم هذه المشاريع”.

وكشف الساعدي عن “تشكيل لجنة فرعية داخل لجنة الخدمات البرلمانية من خمسة اعضاء لاستضافة امين بغداد بخصوص المشاريع المتلكئة”، مشيرا الى ان “الاسبوع المقبل سنحدد موعد الاستضافة للوقف عن اسباب عدم تنفيذها ما وعدت به”.

كما ان مشروع تطوير قناة الجيش يتضمن فعاليات اخرى منها إنشاء (8) نافورات كبيرة من النوع الدائري و(16) نافورة صغيرة إضافة الى وضع دراسة من قبل دائرتي التصاميم والعلاقات والإعلام لإقامة (46) تمثالاً بإستخدام مادتي الحجر الطبيعي والبرونز لشخصيات من التأريخ و التراث العراقي.

الى ذلك قال مقرر مجلس محافظة بغداد فرحان قاسم ان “مشروع قناة الجيش منح لشركة غير جادة في تنفيذ هذا المشروع والمقابل لم تكن هناك جدية في محاسبة هذه الشركة لتقصيرها، ولكن الان امانة بغداد توجهت توجه حقيقي لمعالجة هذا الامر”، مشيرا الى ان “الحل الوحيد لهذا الملف هو احالته الى النزاهة لان فيه الكثير من شبهات الفساد”.

واضاف قاسم لـ”الغد برس”، ان “بإمكان هيئة النزاهة معاقبة هذه الشركة وتغريمها الاموال التي تسببت بهدرها وسحب المشروع وتسليمة الى شركة لديها الكفاءة في انجازة”، لافتا الى ان “الشركة التي اخذت على عاتقها تنفيذ مشروع تطوير قناة الجيش لو كانت ليدها القدر والكفاءة الكافية لأنجزت مشروعها في الوقت المحدد”.

وعزا مدير دائرة العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة في تصريح سابق “تأخر اكتمال مشروع تطوير قناة الجيش، الى أن المشروع يضم 24 نفقاً ومن اجل حفر النفق وتجهيزه بالأعمال الأخرى يأخذ مساحة واسعة من الشارع المحاذي للنفق”، مبينا أن “الشركة عملت على إجراء تحويلات مؤقتة حيث يربط كل نفق بالشارع العام وهذه أعمال صعبة”.

واضاف أن “التجاوزات السكانية والزراعية والكهربائية أعاقت عمل تقدم المشروع في الأوقات الماضية”، مشيرا إلى أن “مشروع تطوير قناة الجيش يسير بشكل جيد بالرغم من بعض المشاكل التي واجهته والتي أخرت تنفيذ الخطط والتصاميم والجداول لإنجازه”.

وكشف مستشار رئيس الجمهورية شيروان الوائلي، الاسبوع الماضي، ان “الفساد في مشروع قناة الجيش مازال يراوح بين القضاء والنزاهة ” مشيراً ان” قيمة المشروع ٢٧ مليار دينار عراقي وتمت احالته بـ 160 مليار دينار عراقي من قبل امانة بغداد “.

وقال الوائلي في تصريح تابعته “الغد برس”، ان “قبل اكثر من خمس سنوات وعندما اعلنت امانة بغداد انها ستقوم بتبطين قناة الجيش ونحن على موعد مع انعقاد مؤتمر القمه الاستثنائية وقد حصلت الامانه على استثناءات لن تتكرر في تاريخ الدولة العراقية ادت الى الفساد المرعب في هذا المشروع وفي غيره لتبطين القناة وتعديل اكتافها”.

وبين التصريحات المتضاربة، يبقى مشروع قناة الجيش كالحاً دون “مساحات خضراء” أو تفاصيل أخرى مذكورة، ويبدو أنه سيبقى ضمن تلك المشاريع المتلكئة المُحاطة بشبهات الفساد الإداري الذي عشّش بأمانة بغداد منذ سنوات.

اترك ردا