3 - الصفحة الثقافية عام

فصول من كتاب..”عــالــم إيــزابيـــل أللينـــدي السحـــري

ربما يكون السبب الأهم للكتابة هو منع تآكل الزمن، وبذلك فان  الذكريات لن تذروها الرياح. نحن نكتب لنسجل  التاريخ، ونسمي كل شيء باسمه. نكتب  ما يجب أن لا ينسى. ولكني اعود فاسأل، لماذا اكتب الروايات؟ ربما لأنني جئت من أمريكا اللاتينية، ارض الناس المجانين والمتنورين ، بلاد الكوارث الجيولوجية والسياسية،

بلاد واسعة  جدا وعميقة ،جميلة جدا ومخيفة، حيث الروايات فقط يمكن لها أن تصف تعقيداتها  الساحرة، الرواية مثل نافذة ، وهذه النافذة مفتوحة على منظر طبيعي لا  نهاية له. نستطيع ان نضع في الرواية جميع علامات الاستفهام، ونستطيع  تسجيل الحقائق الاكثـر  تطرفا، واكثـرها شرا و قبحا، اكثـر الوقائع  غرابة و اكثـرها  روعة –التي لا تعتبر امرا مبالغا فيه  في أمريكا اللاتينية،لأن هذا هو البعد الحقيقي لواقعنا.نستطيع عن طريق  الرواية ان نقوم  بتنظيم  وهمي   للفوضى. و يمكننا ان نجد  الحل لمتاهات التاريخ. و ان نقوم    برحلة إلى الماضي، لنحاول ان  نفهم الحاضر و نحلم بالمستقبل. في الرواية يمكننا استخدام كل شيء: شهادات الناس عن الاحداث، والوقائع التاريخية، والتجارب، والخيال، والأسطورة والشعر وأدوات اخرى يمكن أن تساعدنا على فك أسرار عالمنا واكتشاف هويتنا الحقيقية. وبالنسبة للكاتب او الكاتبة التي تغذي نفسها بالخيال والعاطفة ، فهي تتمتع بتميز كبير كونها قد ولدت في قارة رائعة مثل امريكا اللاتينية ،فنحن لا نضطر في أمريكا اللاتينية ان نتوسع في خيالنا. ودائما ما كان النقاد في أوروبا والولايات المتحدة يقومون بالتركيز على الاشياء التي لاتصدق في روايات أمريكا اللاتينية، يتساءلون كيف يجرؤ المؤلفون على اختراع تلك الأكاذيب التي لا تصدق عن الشابات اللواتي يطرن إلى السماء ملفوفات في ملاءات. او الأباطرة السود الذين يقومون ببناء الحصون من سمنت ودماء ثيران مخصية. عن الخارجين على القانون الذين يموتون من الجوع في منطقة الأمازون والأكياس المليئة بالزمرد على ظهورهم. عن طغاة العهود الغابرة الذين كانوا يصدرون الاوامر بأن تجلد أمهاتهم عاريات أمام الجنود والطغاة الجدد الذين يأمرون بتعذيب الأطفال أمام آبائهم وامهاتهم؛ عن الأعاصير والزلازل التي تقلب الدنيا رأسا على عقب. وعن الثورات التي تحدث بالمناجل، والرصاص،وعن القصائد والقبلات. و مناظر الهلوسة المجنونة.

اترك ردا