3 - الصفحة الثقافية عام

دروس حياة يقدمها نيتشه

هل فكرت يوماً بترك عملك وانشاء عمل مستقل؟ انه شعور يراودنا جميعاً في فترة ما فنحس ان عملنا غير مرض ومع ذلك نواصل القيام به، ورغم عدم وجود اسباب مقنعة لذلك الا اننا اكتسبنا عادة روتينية وسيكون تغيير ذلك الآن امراً صعباً.
يقال ان بين جميع مفكري القرن التاسع عشر، ربما كان كارل ماركس هو الوحيد الذي تمكن من التفوق على نيتشه (1844- 1900) من حيث تأثيره على القرن العشرين، لذا لن تجد شخصاً افضل من الاخير ليرشدك ويسديك بعض النصائح العملية، فهو فيلسوف ألماني كتب بحماس وبشكل مكثف، واعتقد ان من السهل اتباع الجمهور والسير في طريق يتضمن القدر الاقل من المقاومة- لكن ذلك سيكون خطأ جسيماً.
كانت افكار نيتشه كالتالي: من غير المعقول انك تعيش في هذه اللحظة من الزمن فقط، انت فريد من نوعك تماماً كما انت، لا تخجل من ذاتك الحقيقية فتحجبها وتقاوم رغبتك في اتباع المسار الخاص بك لمجرد عدم تاكدك من الوجهة الذي سياخذك اليها، من اجل ان تعيش حياة ذات معنى عليك ان تنتهز فرصة وجودك القصيرة لتتبع شغفك- مما يعني احياناً القيام بما هو صعب ولا يجرؤ الجميع على تنفيذه.

سر الفنان

يقول الفيلسوف: «سئل مسافر شاهد العديد من البلدان عن السمة المشتركة التي وجدها بين البشر، فاجاب: «يميلون الى الكسل».. ربما ظن الكثيرون ان الحقيقة الكاملة تكمن في وصفهم جميعاً بالخجل او الجبن، وانهم يخفون انفسهم خلف «الاخلاق والآراء‘«.
وذكر ان في نهاية الامر، يعرف كل انسان انه مخلوق فريد من نوعه لا يمكن ان يظهر الا مرة واحدة على الارض اي لا تجتمع صفاته مرة ثانية، ومع ذلك يخبئ ذلك وكانه سر يشعره بالذنب، خوفاً من جاره الذي لا يبحث الا عن آخر الجوانب التقليدية فيه، والتي تحيط بالاخير ايضاً.
اذاً ما الذي يدفع الشخص الى الخوف من جاره؟ والتفكير والتصرف مع الجمهور دون البحث عن ما يسعده؟ الخجل في حالات نادرة والتكاسل في اغلب الاحيان، ما يعني ان المسافر كان على حق عندما قال انهم كسولون اكثر من كونهم جبناء، فخوفهم الاكبر هو من العبء الثقيل الذي يفرضه عليهم الصدق المطلق والكلام بوضوح.
كما اعتقد ان الفنانين فقط هم من يكرهون التجول بكسل حاملين هذه الاخلاقيات والاعراف المستعارة والآراء التي لا تناسبهم، اذ انهم اكتشفوا ذلك السر الذي يثير تأنيب الضمير والحقيقة التي ينكرها الجميع بان كل كائن بشري اعجوبة فريدة من نوعها، ولو ازدرى اي مفكر عظيم الانسان فذلك لكون الاخير كسولاً، وبالتالي هو اشبه بآنية فخارية مكسورة لا تستحق الاصلاح.

الذات الحقيقية

ينصح نيتشه من لا يرغب بالبقاء ضمن حدود هذه الفوضى السائدة بالتوقف عن اخذ الامور ببساطة او الاسترخاء والامتناع عن العمل الجاد، اذ يجب اتباع ما يمليه عليه شعوره الداخلي الذي يصرخ: «كن كما انت! فرغباتك والطريقة التي تفكر وتتصرف بها في هذه اللحظة لا تمثل شخصيتك الحقيقة!».
ولحل لغز الحياة عليك التحلي بالجرأة والتهور، فلماذا تتمسك بالجزء الذي تعيش عليه من الارض او عملك البسيط او تستمع الى آراء الآخرين؟ من السذاجة مواكبة وجهات النظر التي لا تحافظ على صحتها على بعد بضع اميال، فالشرق والغرب مجرد اشارات يرسمها احدهم ليخدع الحمقى امثالنا. يقول نيتشه: «يفكر الشاب بانه سيواجه المعوقات لو حاول الفوز بالحرية؛ فقط لان دولتين تكرهان بعضهما الى الحد الذي دفعهما الى الحرب، او لوجود بحر يفصل بين جزءين من الارض، او بسبب دين نشر في الجوار رغم انه لم يكن موجوداً قبل الفي عام.. وبما ان هنالك طريقا لا يمكن ان يسلكه احد سواك، لا تسال الى اين سياخذك وتقدم فحسب».واخيراً يذكر ان عليك النظر الى الاشياء التي تحبها حقاً وساهمت في تقدمك لانها ستقودك الى ذاتك: «قارن بينها وفكر كيف انها تكمل وتوسع وتفسر بعضها، وكيف تشكل سلماً كنت ترتقيه طوال الوقت لتجد ذاتك الحقيقية، فان الاخيرة لا تكمن وتختبئ عميقاً داخلك وانما في موقع مرتفع لا متناه فوقك- او على الاقل فوق المكانة التي تضع نفسك فيها عادة».

اترك ردا