9 - صفحة الحوارات عام

حوار مع مدير شؤون العشائر في وزارة الداخلية الفريق الحقوقي مارد عبد الحسن الحسون

ينظر الى مديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية على انها احدى المؤسسات الحكومية المهمة لتعزيز العلاقة مع الوسط العشائري كذلك لارساء المزيد من القيم التي تصون القانون الاجتماعي العام وتجعل من هذا الوسط وسطاً تنموياً قادراً على الاسهام الفعلي في تطوير بناء الدولة العراقية كونه وسطاً زاخراً بالاعراف والامكانات الاجتماعية والاصالة التاريخية التي من شأنها ان تصون هذا البناء ولتسليط الضوء على ذلك يسرنا ان نلتقي الفريق الحقوقي مارد عبد الحسن الحسون مدير شؤون العشائر في وزارة الداخلية في هذا الحوار :-  

*هل لكم ان تقدموا لنا صورة عن مديرية شؤون العشائر بشأن عملها وتاريخها ؟
– يهمني ان اتناول هذا الموضوع بالكثير من التفصيلات ولكن وبقدر ما يتعلق الامر بما تريد من الاجابة عليه ، أقول ومن محتوى الواقع ان مديرية شؤون العشائر هي احدى تشكيلات وزارة الداخلية وعملها يتناول رعاية العلاقة بين العشائر ووزارة الداخلية بما يحقق اهداف الطرفين الوطنيين المتكاملين الحكومة والعشائر في إطار أولاً ان تكون المناطق العشائرية ضمن السياق العام للقوانين العراقية ، بمعنى مضاف ان تجد التشريعات الوطنية تطبيقاتها في المناطق العشائرية مثلما تجد تطبيقها في مراكز المدن والبلدات وهذا بحد ذاته احد اهداف الدولة العراقية ان يسود القانون جميع مناطق العراق وهو ما نسعى اليه في جميع اللقاءات الميدانية والاتصالات التي نجريها ، الامر الذي يشكل عوناً لتحقيق العدالة والاستقرار وهما شرطان اساسيان من شروط الدولة القوية .
ثانياً ان المسؤولية التي تتحملها مديرية شؤون العشائر هدفها تعزيز الصلة العامة مع هذا المكون الوطني الكبير وكلما زادت الصلة شفافية ووضوحا وفهما مشتركا زادت فرص البناء الوطني الصحيح .
ثالثاً ان مديرية شؤون العشائر تعد وجودها مؤسسة لها مسؤولية نقل التبليغات والتصورات التي تصدر عن الحكومة الى المناطق العشائرية ، وبالتالي فان مهمة من هذا النوع تكون عنصراً مفيداً لبسط هيبة الدولة في هذه المناطق ، مع ملاحظة انه كان من المبكر الانتباه لهذه المسؤولية منذ عقد الثلاثينيات من القرن الماضي حيث تم استحداث مديرية شؤون العشائر آنذاك بدرجة مديرية عامة سنة 1936 ، وكان حينها الراحل رشيد عالي الكيلاني وزير للداخلية ، وكانت لها اقسام تغطي مساحة عملها في الاوساط العشائرية ، الامر الذي يعكس مدى الاهتمام بالعشائر منذ ذلك الوقت  .
رابعاً ان المسؤولية التي تضطلع بها مديرية شؤون العشائر تتجسد ايضاً في ان تكون عنصراً لاطفاء الخصومات وانهاء اية اشكالات تحدث بين العشائر .
خامساً ان الانتماء القبلي هو واحد من العوامل التي تحكم المجتمع العراقي وكلما كانت صيغة هذا العامل صيغة صحيحة، كلما تحقق المزيد من دعائم الوحدة الوطنية ، وهذا ما نعمل به على وفق خطط فصلية وسنوية .
*ماذا انجزتم خلال السنوات الاخيرة من نشاطات على هذا الطريق؟
– ان دائرة تحركنا الميداني في الوسط العشائري تغطي مساحة واسعة من المناطق العراقية ونعمل ضمن برامج فصلية وسنوية تتوخى اقامة النشاطات التي تجعل من البيئة العشائرية قريبة من التوجهات الحكومية
* وماذا عن الخصومات على رئاسة العشيرة ( الشيخة )؟
– هناك معايير معتمدة بالنسبة للاعتراف برئاسة العشيرة أو الشيخة وهي معايير تنص على العمق التاريخي مع شهادة اطراف امينة في معلوماتها ، فضلاً عن الاعتماد على الوثائق التاريخية المكتوبة، لكننا في هذا الجانب نعاني بالذات من اطراف سياسية لا معرفة لها بالواقع العشائري وهي تحرض هذا الشخص أو ذاك وتتعامل معه على انه شيخ العشيرة وتدعوه الى ممارسات ومناسبات وبذلك ظهرت حالات متكررة من التنافس على رئاسة العشيرة نتيجة ذلك ، كما ان النظام المقبور لعب دوراً سيئاً في تأجيج الصراعات على رئاسة القبيلة ، وبتفصيل ادق هناك معايير بالنسبة للشيخ العام ان يكون لديه اكثر من خمسة عشر الف فرد من الرجال حصراً وتوارث الشيخة من مئة عام وان يقدم ما يؤكد حقه التاريخي، وان يكون شيخاً قبل عام 1968 ، نحن لا نزكي الشيوخ ولكن هي المعايير المعمول بها .  اما بالنسبة لشيخ العشيرة الفرع فأن يكون لديه ثلاثة الالآف رجل بالغ وتوارث الشيخة عن أبيه وجده ويمتلك ادلة ثبوتية تؤيد الرئاسة للعشيرة من قبل الشيخ العام ، وبالنسبة لرئيس العشيرة (الفخذ) ان يكون بأمرة 400 فرد من الرجال البالغين وكل ذلك يتعزز من خلال هويات الاحوال المدنية  .
* ما تحدثتم به يقودنا الى سؤال عن المعوقات الاخرى التي تتسبب في تعقيد عملكم في الوسط العشائري؟
– نحن معنيون بالحفاظ على المكون العشائري بما يجعله فصيلاً اجتماعياً منسجماً مع التوجهات التي تريدها الدولة لضمان وحدة المجتمع ، وعلى هذا الاساس نعمل بكل الوسائل الممكنة من اجل ذلك ونسعى للتعاون مع كل الجهات الحكومية التي لها مساس بالوسط العشائري .
* كيف تنظرون الى انتشار مكونات تنظيمية عشائرية تحت عناوين مجالس او اتحادات ؟
– لقد بدات هذه الظاهرة بالانتشار وتقوم على انشاء تجمعات عشائرية تحت عناوين عدة تحت عنوان مجلس أو اتحاد يقوم اشخاص او افراد على خلاف العرف العشائري وتكوين واجهات بالافادة من جو الحرية المتاح وقد تحولت بعض هذه المجالس الى اشبه بدكاكين للوجاهة واصطياد الفرص والكسب المادي الرخيص وادعاء الاهمية والسلطة والنفوذ الامر الذي أوقع الوسط العشائري بالعديد من المشاكل التي هو في غنى عنها .
* ما هو دوركم في تعزيز الواجب العشائري في مواجهة الارهاب والخارجين على القانون ؟
– ان هذا الامر يأخذ الان الحيز الاكبر من اهتمامنا من خلال عدة قنوات تتمثل باللقاءات الميدانية في المضايف والدواوين وعقد المؤتمرات وورش العمل ونشاطات اخرى هدفها التعبئة لهذا الاتجاه من خلال تحريم الدم العراقي والعمل على جعل المنطقة العشائرية نظيفة من البؤر الارهابية والخارجين على القانون .
* كيف تنظرون الى تعاطي الاعلام مع الوسط العشائري العراقي؟
– ما زال الاعلام مقصراً الى حد ما في فهم العقلية العشائرية وكيفية مخاطبتها والسعي الى ضرورة تغيير بعض العادات والتقاليد السيئة وخاصة بالنسبة للمغالاة في الفصول والتعامل مع المرأة ، اذ يركز الاعلام فقط على الحالات المتخلفة بهذا الشأن دون ان يشير او يتناول ان اغلبية العشائر العراقية تمتلك اعرافاً وتقاليد على جانب كبير من الاهمية وتصلح كانموذج يحتذى به في الاوساط العشائرية الاخرى .
ان التركيز على الجوانب السيئة لا يمكن له ان يخلق تنمية معرفية حقيقية عن الواقع العشائري لان اصحاب هذه التوجهات ينظرون الى الجزء الفارغ من قدح الماء ولا ينظرون الى ما فيه من ماء، وتحضرني هنا ايضا ما ينقل عن ظواهر عشائرية في التعامل مع الاطباء وهي ليست ظاهرة وانما حالات نادرة وقليلة ، في حين ان اغلبية العشائر تنظر الى عمل الطبيب والموظف الحكومي نظرة وطنية واخلاقية عالية جداً، واذا كانت بعض الاخطاء قد حصلت فأن من الضروري معالجتها اعلامياً بطريقة صادقة وامينة دون التهويل والتأجيج .

اترك ردا