7 - تقارير وتحقيقات عام

الباجه جي.. مخضرم الدبلوماسية بين شائعات الموت والحياة

في الوقت الذي أفادت فيه  مصادر إعلامية وأخرى مقرّبة من عائلة السياسي العراقي عدنان الباجه جي بتعرّضه إلى أزمة قلبية حادة لم تمهله طويلا في مكان إقامته في مدينة دبي، ليرحل عن عمر ناهز 90 عاما، فان العضو في القائمة الوطنية بزعامة اياد علاوي، نفى الاربعاء،موت الباجه جي مؤكدا انه يتمتع بصحة جيدة، نافيا الانباء التي ترددت بشأن وفاته.

وقال القيادي بالقائمة عدنان الدنبوس في حديث لـوسائل اعلام محلية، ان “السياسي العراقي عدنان الباجه جي يتمتع بصحة جيدة جدا”، مشيرا الى انه “يتواجد حاليا في خارج العراق”.

وبين خبر الرحيل، ونفيه يبرز من جديد اسم الباجه جي على سطح الأحداث.

وعدنان الباجه جي، دبلوماسي عراقي عمل في وزارة الخارجية و تدرج وظيفيا حتى اصبح سفيراً.

عُين في منتصف الستينات ممثلا للعراق في الأمم المتحدة، وبعد خمس سنوات، وحسب سياقات عمل وزارة الخارجية العراقية، نقل إلى مقر الوزارة فرفض العودة وفضل الاستقرار في نيويورك.

عمل مستشارا في مشيخة الإمارات العربية قبل ان تصبح دولة، واستقر في الإمارات العربية حوالي ثلاثين عاماً، وحصل على الجنسية الاماراتية.

المولد والنشأة

ولد عدنان مزاحم الباجه جي يوم 14 أيار 1923 في بغداد.

الدراسة والتكوين

تخرج في الجامعة الأميركية ببيروت، ثم تابع دراسته العليا في كلية فيكتوريا التي كانت حينها مدرسة عمومية إنجليزية بالقاهرة.

الوظائف والمسؤوليات

عمل مندوبا للعراق في الأمم المتحدة وسفيرا له في الولايات المتحدة، كما شغل منصب وزير الخارجية العراقي في أول حكومة مدنية بعد ثورة 1958.

بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين، تسلم الرئاسة الدورية لمجلس الحكم العراقي في كانون الثاني 2004، كما ترأس البرلمان العراقي باعتباره العضو الأكبر سنا.

التجربة السياسية

كان خارج العراق عندما أطاح البعثيون بحكم عبد الرحمن عارف في انقلاب تموز 1968، وارتأى عدم العودة والعمل مع المعارضة العراقية التي كان عضوا بارزا فيها. والتحق بحكومة أبو ظبي للعمل فيها، وحضر اجتماع التوقيع على دستور إقامة اتحاد الإمارات العربية وإعلان استقلال الدولة.

انضم الباجه جي -الذي يحمل الجنسية الإماراتية – إلى المعارضة قبيل سقوط النظام العراقي بعدة أشهر، واتهم حينها بأنه كان طوال الثلاثين عاما الماضية يتجنب الإشارة إلى نظام صدام حسين أو يعلن معارضته، لذلك فإنه قد واجه اعتراضات كردية في اشتراكه بالعملية السياسية من البداية.

وفي عام 2003 أسس وتزعم تشكيلا سياسيا أطلق عليه اسم “تجمع الديمقراطيين المستقلين”، انفرط عقده بعد عامين.

عارضت أوساط سياسية عدة ترشحه لمنصب الرئيس المؤقت للبلاد، واختار مجلس الحكم العراقي في 2004 غازي الياور في هذا المنصب بالتزامن مع إعلان أعضاء الحكومة الانتقالية العراقية برئاسة إياد علاوي.

وخلال انتخابات 2010 ترشح عدنان الباجه جي ضمن القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي إلا أنه فشل في الحصول على العتبة الانتخابية التي تخوله مقعدا في البرلمان.

أصدر الباجه جي كتابا في بيروت في 2013 يحكي فيه سيرته الذاتية، ويفيد بانه رجل عاصر حقب تاريخ العراق المعاصر كلها بين (1921-2013) من العهد الملكي (1921-1958) إلى الجمهورية الأول (1958-1968) والجمهوري الثاني (1968-2003) ثم التغيير بعد عام 2003 أو الجمهوري الثالث (2003-حتى الآن). وقد عمل فترة تزيد عن عشرين عاما (1970-1993) في دولة الإمارات العربية المتحدة في المساعدة في تأسيسها، إلى أن قرر العودة إلى العراق بعد التغيير ليرى عهدا جديدا حلم فيه بإرساء الدولة المدنية الديمقراطية.

أدى الباجه جي – بحسب كتابه – دوراً يراه في مذكراته أساسيا في رسم سياسات العراق من خلال عمله وزيرا للخارجية وسفيرا للعراق في الأمم المتحدة، وشغل منصب وزير خارجية العراق عام 1966 ثم انتقل عام 1971 إلى أبو ظبي ليعمل وزير دولة في حكومة ابوظبي، وشارك في وضع قانون تنظيم الإمارة ورأس وفد دولة الإمارات العربية إلى الأمم المتحدة واسهم في انضمامها إلى الأمم المتحدة.

يبدو الباجه جي بوضوح من ثنايا كلماته بأنه تقاطع مع قوى فاعلة احتك بها بعد ذلك ولم ينسجم معها فقرر المغادرة إلى مقر إقامته الدائم في ابوظبي ولا يزال.

يطرح الباجه جي في كتابه منذ البداية، بأنه قارب التسعين من العمر، وكان مراقبا ومشاركا في الأحداث العربية والعراقية، وما دفعه لكتابة مذكراته استجابة لطلب أسرته وأصدقائه بأن يكتب سيرة ذاتية عن حياته عارضا معتقداته التي يؤمن بها وهي تحكيم العقل والاعتماد على العلم والمعرفة والإيمان بالديمقراطية والعمل على الوحدة والتضامن بين الأقطار العربية.

أما شخصيا، فانه يسرد جهوده في دعم العرب في الأمم المتحدة ومساندة القضية الفلسطينية وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة ثم عودته خلال العشرين سنة الأخيرة للاهتمام بالعراق والمعارضة والتغيير والمشاركة في الحكم بعد 2003 والإطاحة بالنظام 2003.

وقد مرت حياة الباجه جي بعدة أدوار الأولى ولادته عام 1923 ونيل شهادة جامعية عام 1943، ثم الدور الآخر بين 1944 إلى 1969 دبلوماسيا وسفيرا ووزيرا للخارجية العراقية، ثم المرحلة الثالثة عام 1971 وانتهت عام 1993 وزيرا في حكومة ابوظبي وممثلا شخصيا لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمرحلة الرابعة والأخيرة عام 1991 وانتهت عام 2010 ناشطا كما يقول الباجه جي في المعارضة العراقية، ثم عضوا ورئيسا لمجلس الحكم 2003-2004 وعضوا في المجلس الوطني المؤقت ومجلس النواب حتى العام 2010، ثم قرر بعدها الاعتزال عن العمل السياسي والتفرغ للكتابة وقضاء بقية حياته حسب قناعته بين زوجته وأسرته.

يسرد الباجه جي ولادته وطفولته في 4/5/1923 ويقول إنها كانت حياة حزينة ووحيدة لمرض والدته وعجزها بسبب ولادته العسيرة والتي حملت له عقدة الذنب طوال حياته ولا تزال.

ثم يتحدث عن المراهقة ودراسة الثانوية في كلية فيكتوريا منتصف عام 1934 ورحلته مع والده إلى الإسكندرية ليبدأ دراسته وتعليمه باللغة الانكليزية.

ثم يتناول الدراسة الجامعية في الجامعة الأميركية في بيروت، والعودة إلى العراق بين 1940-1945 حيث درس التاريخ والعلوم السياسية، ثم عودته إلى العراق في صيف عام 1944 وتقديمه للعمل في وزارة الخارجية والتعيين في السلك الدبلوماسي حيث بدأ عمله بالخارجية في11/12/1944.

عمل في السفارة العراقية في واشنطن بين 1945-1949 ثم عاد للعمل في القنصلية في الإسكندرية بين 1949-1950 حيث غادر بعد أن اقترح إلغاء القنصلية لعدم وجود حاجة لها ووافقت الوزارة على الطلب ثم عودة الباجه جي الى بغداد عام 1950.

عين الباجه جي رئيسا لشعبة الأمم المتحدة والمؤتمرات بين 1950-1953 وغادر إلى واشنطن في 1953 إلى 1957 في عهد وزير الخارجية عبدالله بكر في ظل حكومة الدكتور محمد فاضل الجمالي.

عاد إلى بغداد في 1957-1958 حيث وصل والد زوجته السياسي علي جودة الأيوبي إلى رئاسة الحكومة العراقية آنذاك فانتقل الباجه جي إلى بغداد تاركا واشنطن وغادرها عام 1957.

انتقل إلى العمل ممثلا للعراق في الأمم المتحدة بين 1959-1965 حيث عمل في نيويورك وأشار في سيرته انه طالما حلم بهذا المنصب منذ وقت بعيد.

وابلِغ في عام 1966 من قبل وزارة الخارجية بأنه قد تم تعيينه وزيرا للدولة للشؤون الخارجية حيث مكث بين 1966-1967 وعبر عن مفاجأته بهذا المنصب عندما اختاره الدكتور عبدالرحمن البزاز رئيس الوزراء الجديد وصاحب الاتجاه القومي آنذاك وتطرق للإسهام العراقي والعربي للباجه جي في هذا الفصل العاشر.

استقال الباجه جي من الخدمة في الحكومة العراقية بعد 17 تموز 1968 حيث قدم استقالته في 10/1/1969 وترك نيويورك في 6/3/1969 وانتهت خدمته لبلاده.

وبدأ الباجه جي خدمته في حكومة أبوظبي بين 1969-1993 ومسيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقربه منه في تعزيز وتقوية الإمارات.

عمل في المعارضة العراقية بين 1991-2003 حيث أحيل الباجه جي على التقاعد بناء على طلبه لبلوغه 70 سنة من عمره عام 1993

في عام 2000 شكل تيار الوسط الديمقراطي العراقي وانتخابه الأمين العام له.

وصل الباجه جي إلى بغداد في 6/3/2003 بعد 35 سنة من الغربة حيث يصف معركة الترشيح إلى منصب رئاسة الجمهورية وما دار من خبايا ومشاكل حولها حيث ابتعد الترشيح عنه وكيف انه أبدى غضبه وترك العراق إلى أبوظبي واختير غازي الياور رئيسا للعراق آنذاك.

ويتحدث الباجه جي عن فترة تشكيل المجلس الوطني العراقي المؤقت من 100 شخصية عراقية وإنجازاته ويشير إلى معركة انتخابات مجلس النواب العراقي عام 2010 وعدم حصوله على مقعد في القائمة العراقية التي تشكلت بزعامة علاوي لخوض الانتخابات وضمت قوى علمانية وأخرى قومية ويسارية وإسلامية مختلفة، ومنها التيار الديمقراطي الذي يضم الباجه جي حيث شعر بخيبة أمل وقراره الانتقال إلى أبوظبي.

اترك ردا