6 - المراة عام

هجرة .. أم تهجير !

بقلم : شذى النعيمي 
كنت قد كتبت في مقال سابق عن مايجري من استهداف ارهابي شديد للمفكرين والخبراء العراقيين ومنهم الحاصل على لقب عالم او بروفيسور في اختصاصه ومن المتبقين منهم طبعا داخل العراق ، وبعدها بفترة جرى استهداف مشابه وواضح لحملة شهادة الدكتوراه من المستمرين في الجامعات والمعاهد العراقية كتدريسيين ، وبعدها كان هنالك فترة كرست لاستهداف العسكريين من الرتب الكبيرة والطيارين بشكل خاص ، ومن ثم الاطباء ،
ثم الموظفين الكبار في دوائر الدولة والخ .. لنصل ومنذ فترة ليست بسيطة الى تكريس الاستهداف الارهابي للاعلاميين والصحفيين وفي كل محافظة من محافظات العراق ، وبذلك فان اختصاصات وكفاءات عراقية عديدة ومهمة تتعاقب عليها الفترات التي تكرس للقتل والترهيب اوالتهديد والاقصاء ، جهات معنية ، الله وحده يعلمها ، كانت ومازالت حريصة كل الحرص على قتل معاني الحياة والتطور والاستمرار في العراق الحبيب ، حريصة كل الحرص على قتل الكلمة الحرة ، جهات معنية واعية جدا بعدم كفاية قتل العلم والعلماء ، قتل من يدرس ، قتل من يعالج ويطبب ، قتل من يدافع ويواجه ، مالم يكن هنالك قتل للكلمة ، قتل للخبر ، قتل للصورة والمشهد الذي يوثق جرائمها الكثيرة والكثيرة جدا هنا وهناك على ارض الحبيب العراق. اما الان فقد اضيفت لخطط القتل تلك خطة جديدة ، خطة فريدة ، توحي لك بحلم الحياة المستقرة الرغيدة ، توحي لك بمستقبل امن لك ولافراد عائلتك ، توحي لك بشوارع نظيفة ومباني شاهقة ومدن سعيدة ، خطة من نوع اخر تغريك بتوفير ما ينقصك ، ولكن اين ؟؟ بالتاكيد في بلد اخر ، فمن يتابع نشرات الاخبار ويشاهد كل تلك الحشود من الشباب والعوائل العراقية المهاجرة الى بلدان اخرى وهم يتهافتون على دخولها عبر منفذ حدودي بطريقة ليست شرعية او حتى بطريقة شرعية عبر مطارات تلك الدول ، يجد ان المنظر لايفرق كثيرا عن ما شاهدناه من مناظر تهجير قسري لعوائل ومدن وقرى باسرها اثر دخول عصابات داعش لارض العراق الحبيب ، الصورة تكاد تكون ذاتها مع فارق بسيط ، فتلك كانت اثر قتل ودمار وترهيب ، وهذه المرة اتت اثر حلم وامل وترغيب. ويبقى الهدف واحد والخطة مختلفة ، تختلف حسب الظروف والموجبات ، فمرة تكون بقتل ومفخخات واحزمة ناسفة ، ومرة تكون بحرق ودمار وتهجير قسري على ايدي عصابات مؤدلجة ، لتكون هذه المرة عبر حلم ورحيل وهجرة ، بتذاكر ( ون وي ) وطريق اللاعودة ، ليبقى الهدف واحدا ذاته ، اخلاء العراق من اهله ، افراغه من الكفاءات والعلماء والمفكرين والاعلاميين والصحفيين وهكذا وصولا لافراغه حتى من العمال والكسبة والناس البسطاء المكتفين بقوت يومهم ، فالخطة والفكرة هذه المرة اتت واسعة فضفاضة مستوعبة مرحبة بالجميع ، والحلم واعد بحياة هانئة رغيدة امنة مستقرة ، والصورة اشبه بالخيال !، فهل يكون الواقع الذي ينتظر كل هذه الجموع المغادرة المهاجرة ، بالفعل كما صورة الخيال المنشودة ؟ سوآل لا استطيع التغاضي عنه ، يا ساسة وحكام العراق ، بعد فترة من الزمن ربما تصحون لتجدوا انفسكم وحدكم ، وحدكم وحسب ، فمن ستحكمون ؟؟؟ في عراق خلا من شعبه واهله ؟

اترك ردا