3 - الصفحة الثقافية عام

معلقة ((امرؤ القيس بن حجر الكندي)) الاولى

هو حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (آكل المرار) الِكندي. وله ثلاث كنى وهي : أبو وهب وأبو الحارث وأبو زيد. إشتهر بلقب إمرئ القيس ومعناه ” رجل الشدة “. لقبه الرسول صلى الله عليه واله وسلم بالملك الضليل وعرف بذي القروح لإصابته بالجدري خلال عودته من القسطنطينية وتوفي بسببه.و كندة قبيلة قحطانية من قبائل كهلان مواطنها الأصلية حضرموت وعُمان. أقاموا دولة في عام خمس مئة وخمس وعشرين للميلاد في حضرموت على أنقاض حمير وأكملوا مسيرهم شمالا حتى أسس بنو معاوية دولتهم في نجد. وولد شاعرنا هذا في نجد في اليمامة عند أخواله من بنو تغلب.

معلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــقته.. …

:

قِفَاَ نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ

بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوضِحَ فَالْمِقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا

لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِـهَا

وقِيعَانِهَا كَأَنَّـهُ حَـبُّ فُلْفُـلِ

كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا

لَدَى سَمُرَاتِ الْحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوفَاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ

يقُولُونَ : لا تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّلِ

وَإِِنَّ شِفَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ

فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا

وَجَارَتِها أُمِّ الرَّبَـابِ بِمَأْسَـلِ

إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا

نَسِيمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا الْقَرَنْفُلِ

فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً

عَلََى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي

أَلاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ

وَلا سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ

وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيِّتي

فَيَا عَجَباً مِنْ كُورِهَا الْمُتَحَمَّلِ

فَظَلَّ الْعَذَارَى يَرْتَمِينَ بِلَحْمِهَا

وَشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ الْمُفَتَّلِ

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرِ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ

فَقَالَتْ لَكَ الْوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلي

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعَاً

عَقَرْتَ بَعيري يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيرِي وأَرْخِي زِمَامَهُ

وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ الْمُعَلَّلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ

فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمائِمَ مُحْـوِلِ

إِذا ما بَكَى مَنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ

بِشِقٍّ وَتحْتي شِقّهَـا لم يُحَـوَّلِ

وَيَوْماً على ظَهْرِ الْكَثِيبِ تَعَذَّرَتْ

عَليَّ وَآلَتْ حَلْفَـةً لم تَحَلَّـلِ

أَفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَّدَلُّلِ

وَإِنْ كنتِ قد أَزْمعْتِ صَرْمي فأَجْمِلي

أغَرَّكِ منِّي أَنَّ حُبَّـكِ قاتِلي

وَأَنَّكِ مهما تأْمُري الْقَلْبَ يَفْعَلِ

وَإِنْ تَكُ قد ساءَتْكِ مِني خَليقةٌ

فسُلِّي ثيابي من ثيابِـكِ تَنْسُلِ

وَما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَضْرِبي

بِسَهْمَيْكِ في أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وَبَيْضَةِ خِدْرٍ لا يُرامُ خِبـاؤُها

تَمتَّعْتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ

تجاوَزْتُ أَحْراساً إِلَيْها وَمَعْشَرَاً

عَلَيَّ حِرَاصَاً لَوْ يُسِرُّونَ مَقْتَلي

إِذا ما الثُّرَيَّا في السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ

تَعَرُّضَ أَثْناءِ الْوِشَاحِ الْمُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وقد نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثيابَها

لدى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ

فقالتْ : يَمِينَ اللهِ ما لكَ حِيلَةٌ

وَما إِنْ أَرى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلي

خَرَجْتُ بها أَمْشِي تَجُرُّ وَراءنَا

على أَثَرَيْنا ذَيْـلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ

فلمَّا أَجَزْنا ساحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى

بنا بَطْنُ خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَيْ رأْسِهاَ فَتمايَلَتْ

عَلَيَّ هضِيمَ الْكَشْحِ رَيَّا الْمُخَلْخَلِ

مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَـاءُ غيرُ مُفاضَـةٍ

تَرَائِبُها مَصْقُولَـةٌ كالسَّجَنْجَـلِ

كَبِكْرِ الْمُقَانَاةِ البَياضَ بِصُفْرَةٍ

غَذَاها نَمِيرُ الماءِ غيرُ الْمُحَلَّـلِ

تَصُدُّ وَتُبْدِي عَنْ أَسِيلٍ وَتَتَّقِي

بناظِرَةٍ منْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ

وجِيدٍ كجِيدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بفاحشٍ

إِذا هيَ نَصَّتْــهُ وَلا بِمُعَطَّـلِ

وَفَرْعٍ يَزِينُ الْمَتْنَ أَسْودَ فاحِـمٍ

أَثِيثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ الْمُتَعَثْكِـل

غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلى العُـلا

تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنَّىً وَمُرْسَلِ

وكَشْحٍ لطيفٍ كالجديلِ مُخَصَّرٍ

وَسَاقٍ كأُنبوبِ السَّقِيِّ الْمُذَلَّـلِ

وتُضْحِي فَتِيتُ المِسْكِ فوقَ فراشِها

نؤُومُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ

وَتَعْطُو برَخْصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنَّهُ

أَسَارِيعُ ظَبْيٍ أوْ مَسَاوِيكُ إِسْحِلِ

تُضِيءُ الظَّلامَ بالعِشَاءِ كأَنَّها

مَنارَةُ مُمْسَـى رَاهِـب ٍ مُتَبَتِّـلِ

إِلى مِثْلِها يَرْنُو الْحَلِيمُ صَبابَةً

إِذا ما اسْبَكَرَّتْ بينَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ

تَسَلَّتْ عَماياتُ الرِّجَالِ عَنِ الصِّبَا

وليسَ فُؤَادي عن هَوَاك ِ بِمُنْسَلِ

أَلا رُبَّ خَصْمٍ فيكِ أَلْوَى رَدَدْتُه

نَصِيحٍ على تَعْذَالهِ غيرِ مُؤْتَـلِ

وَليلٍ كمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ

عَلَيَّ بأَنْـواعِ الْهُمُـومِ لِيَبْتَلي

فَقلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بصُلْبِـهِ

وَأَرْدَفَ أَعْجَازَاً وَنَـاءَ بِكَلْكَـلِ

أَلا أَيُّها الَّليْلُ الطَّويلُ أَلا انْجَلي

بصُبْحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَـلِ

فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كأَنَّ نُجُومَـهُ

بأَمْرَاسِ كِتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْـدَلِ

وَقِرْبَةِ أَقْوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَـها

على كَاهِلٍ منِّي ذَلُولٍ مُرَحَّـل

وَوَادٍ كَجَوْفِ الْعَيْرِ قَفْرٍ قطعْتُهُ

بهِ الذِئْبُ يَعْوِي كالْخَلِيعِ الْمُعَيَّلِ

فقُلْتُ لهُ لما عَوَى : إِنَّ شَأْنَنا

قليلُ الْغِنَى إِِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ

كِلاَنا إِذا ما نَالَ شَيْئاً أَفاتَهُ

وَمَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثي وحَرْثَك يَهْزِلِ

وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِها

بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوابِـدِ هَيْكَـلِ

مِكَرٍّ مِفَرِّ مُقْبِـلٍ مُدْبِرٍ مَعَـاً

كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عنْ حَالِ مَتْنِهِ

كما زَلَّتِ الصَّفْـواءُ بالْمُتَنَـزِّلِ

على الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كَأَنَّ اهتزامَهُ

إِذا جَاشَ فيهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ

مِسَحٍّ إِذا ما السَّابحاتُ على الوَنَى

أَثَرْنَ الْغُبارَ بالكَدِيـدِ الْمُرَكَّـلِ

يُزِلُّ الْغُلامَ الخِفَّ عَنْ صَهَواتِهِ

وَيُلْوي بأَثَوابِ الْعَنيفِ الْمُثَقَّـلِ

دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الْوَليدِ أمَـرَّهُ

تَتابُـعُ كَفَّيْهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ

لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وسَاقَـا نَعَامَـةٍ

وَإِرْخاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُـلِ

ضَلِيعٍ إِذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ

بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ ليسَ بأَعْزَلِ

كَأَنَّ على الْمَتْنَينِ منهُ إِذا انْتَحَى

مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ

كأنَّ دِمَاءَ الهادِيـاتِ بِنَحْـرِهِ

عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ

فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كـأنَّ نِعاجَـهُ

عَذارَى دَوارٍ في مُـلاءٍ مُذَيَّـلِ

فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ الْمُفَصَّل بَيْنَـهُ

بِجِيدِ مُعَمِّ في الْعَشِيرةِ مُخْـوَلِ

فأَلحَقَنـا بالهادِيـاتِ ودُونَـهُ

جَواحِرُها في صَـرَّةٍ لم تُزَيَّـلِ

فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثوْرٍ وَنَعْجَـةٍ

دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ من بَيْنِ مُنْضِجٍ

صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيرٍ مُعَجَّـلِ

وَرُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُونَهُ

مَتَى مَا تَرَقَّ الْعَيْنُ فيهِ تَسَفَّـلِ

فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُـهُ وَلِجامُـهُ

وبَاتَ بِعَيْني قائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك َ وَمِيضَهُ

كَلمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَِبيِّ مُكَلَّـلِ

يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيحُ راهِبٍ

أَمَالَ السَّلِيطَ بالذُّبَـالِ الْمُفَتَّـلِ

قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بَيْنَ ضَارِجٍ

وَبَيْنَ الْعُذَيْبِ بَعْـدَ مَا مُتَأَمَّلـي

على قَطَنٍ بالشَّيْم أيْمَنُ صَوْبِهِ

وَأَيْسَرُهُ على الْسِّتَـارِ فَيَذْبُـلِ

فَأَضْحَى يَسُحُّ الْمَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍٍ

يَكُبُّ على الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ

وَمَرَّ على الْقَنّانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ

فَأَنْزَلَ منْه العُصْمَ من كُلِّ مَنْزِلِ

وَتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بها جِذْعَ نَخْلَةٍ

وَلا أُطُمَاً إِلاَّ مَشِيـدَاً بِجَنْـدَلِ

كَأَنَّ ثَبيراً فِي عَرانِيـنِ وَبْلِـهِ

كَبِيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ

اترك ردا