عام فنون ومسرح

لوحة الشهيد للفنان كاظم حيدر.. لوحة أرجوانية جسدت ملحمة الإمام الحسين (ع)

واقعة الطف تلك الفاجعة الأليمة التي وقعت قبل 1400 سنة، مازالت مصدراً مهماً للكثير من المبدعين، بل لكثير من الفنانين التشكيليين، إذ جسدت لوحات تشكيلية تلك الحادثة ورسمتها للمتلقي ونقلت التأثيرات الوجدانية الحاضرة في ذهن الفنان .

في لقاء مع الناقد صلاح عباس رئيس تحرير مجلة تشكيل حدثنا عن الفنان كاظم حيدر ولوحته الشهيرة (الشهيد) قائلاً:

الفنان كاظم حيدر ليس كغيره من الفنانين العراقيين، ذلك انه شق لنفسه طريقاً آخر مختلفا تماماً عن سابقيه من الفنانين، فقد عرف عن الفنان كاظم حيدر، ميله الشديد باتجاه الفنون التجريدية المفعمة بالرؤية الواضحة والموقف الصريح، وإلى جانب أنه رسام من الطراز الأول، وثقافته في مجالات الفنون الحداثية أمنت له وضعا خاصاً ومؤكداً بان لانشغاله في فنون الحداثة كان يعطيه دوراً ريادياً وإبداعياً خاصاً. 
 
وعن أهمية لوحته المشهورة (ملحمة الشهيد) التي رسمها سنة 1963، أجابنا الناقد صلاح عباس رئيس تحرير مجلة تشكيل قائلاً:
إنّ هذه اللوحة تمثل عينت البحث المهمة في مشروع دراسة الاتجاهات الجديدة في الفنون التشكيلية المعاصرة، وكثر الشرح عنها وقدمت خلاصات من البحوث من لدن الكثير من الباحثين ونقاد الفن العراقيين منذ تاريخ عرضها سنة 1969 ولحدّ الآن، وبتباين وجهات النظر حولها، إذ أن أغلب المهتمين في الشأن التشكيلي العراقي أخذوا على عاتقهم مهمة توظيف المغزى، والتعبير، والقيم، والموضوع المثير بصرياً واجتماعياً وتاريخياً.
ومن النظرة الأولى لهذه اللوحة يتأكد للمتلقي بأنها تجسد ملحمة الإمام الحسين (عليه السلام) من واقعة الطف حيث نرى جند يزيد بن معاوية يتقدمهم الشمر، وهو يحمل بيده اليسرى رأس الإمام الحسين (عليه السلام) ليقدمه كهدية ليزيد ابن معاوية، ولكننا نرى في يمين اللوحة الإمام علي (عليه السلام) يحمل بيده سيف ذو الفقار، ويتضح من وقفة الإمام علي (عليه السلام) بعضلات مفتولة وكأنه ينتفض من قبره ليرد بعزم على هذا الموقف الجلل واللافت للانتباه، وأن صورة الشمس في ذلك النهار الحزين انقلبت رأساً على عقب، وفي أعلى الجانب الأيمن من اللوحة نبصر سبايا الإمام الحسين (عليه السلام) ونسائه والخيام، ونلاحظ في الأفق طيوراً ملحقة، وهكذا تكتمل الوحدات الصورية والإشارية والرمزية.

وأن الفنان كاظم حيدر حين جسد هذا الموضوع في سنة 1969 كان يروم استعارة هذا الرمز المهيب ليجري تطبيقاته على أرض الواقع والحياة الصاخبة والضاجة بالخسائر الفادحة، فالحسين (عليه السلام) يمثل أعلى قيم الشهادة.

وبصراحة أنّ رمزية هذا العمل تأخذ مدياته الأبعد من خلال الخسائر المتتابعة التي منيت بها العرب خلال حرب حزيران 1967، وظهر إلى حيز الوجود الكثير من الشهداء بذوات سامية وراقية، ومن هذا المدخل يمكن إعادة قراءة النص البصري بطريقة تأويلة أخرى مختلفة. 

ويذكر أنّ كاظم حيدر كان يتمتع بثقافة حرّة شأنه في هذا شأن جواد سليم وبيكاسو والكثير من الرموز الفنية الرائدة. وهو من مواليد بغداد عام 1932، حصل على البكالوريوس في الأدب من دار المعلمين العالية عام 1957، وأكمل دراسته الفنية في معهد الفنون الجميلة/ القسم المسائي في نفس عام تخرجه من دار المعلمين، كذلك درس فنون الرسم والديكور المسرحي واللثيوغرالف (الطباعة الحجرية)، والستين كلاس في الكلية المركزية للفنون بلندن وتخرج عنها عام 1963. وشارك في جميع المعارض العراقية المهمة التي أقيمت خارج العراق، كما أقام معرضين شخصيين في بغداد عامي 1965 – 1969، وشارك في معرض الزاوية الأول ومعارض جماعة الرواد، وأسهم في تأسيس جماعة الأكاديميين عام 1971، وهو عضو في جمعية الفنانين التشكيليين ونقابة الفنانين.

اترك ردا