6 - المراة عام

في العراق … زواج الموظف من زميلته الموظفة..الفائدة والضرر

لولا حكمة الأب، لفعل الأولاد ما لم يكن في الحسبان في تلك اللحظة التي دخلت فيها أختهم رحاب، مصطحبة ابنتها الصغيرة ذات العامين إلى المنزل وهي تتعثر بدموعها، معلنة انها اكتشفت ان زوجها متزوج من امراة ثانية وهي زميلة له في العمل. وفيما قرر أحد اخوتها الاتصال بزوج اخته ليسمعه ما يمكن ان يقال في مثل هذا الموقف، قرر آخرون ان يذهبوا فورا لملاقاة ميثم زوج أختهم بهدف تلقينه درسا لن ينساه طوال حياته عبر (بسطة) قوية قد تدخله المستشفى لعدة أيام.

لكن حكمة الأب استطاعت في النهاية احتواء الموقف، وكانت كلماته بمثابة الماء الذي يلقى على ألسنة ملتهبة فيحولها من جحيم محفوف بالمخاطر إلى رماد ينتظر ريحا هادئة لتلقيه في مستنقعات النسيان.

“ليست هناك قوة في الأرض تمنع الرجل من الزواج من امرأة ثانية” هذا ما قاله الأب، وأضاف “ان الشرع يسمح للرجل الزواج من أربع نساء وفق شروط خاصة، وان الزواج من امرأة ثانية ظاهرة سائدة وليست عجيبة ولا غريبة، ولا تعد في كل الأحوال إهانة لعائلة الزوجة او انتقاصا من قيمتها، وقد تعرضت الكثير من العوائل لهذه المشكلة، على الرغم من نبلها وعراقتها الاجتماعية، وليس أمامنا سوى التراضي للوصول إلى حل منصف لمشكلة ابنتنا، بدلا من تعقيد المشكلة ودفعها لتأخذ أطرا واسعة من الخسائر والمنغصات”.
نتائج الخصوصية

وبحسب دراسات نشرتها وسائل الإعلام، فان اي مكان للعمل ومهما كانت طبيعته لا بد من أن تنشأ فيه علاقات إنسانية متشابكة الأبعاد بين الزملاء وتمتاز بشدة الخصوصية بحكم التقارب المكاني والنفسي وقد تتوج بالزواج.
وقد توصلت دراسة إلى أن العلاقات الرومانسية في مكان العمل لا تذهب جميعها أدراج الريح، بل كشفت الإحصائيات أن ثلثها ينتهي بالزواج. وأورد موقع “لايف ساينس” الأميركي أن الدراسة التي أعدها موقع “كاريربيلدر” الأميركي للتوظيف وجدت أن 30 بالمئة ممن ينخرطون في علاقة عاطفية مع زميل في العمل ينتهي بهم الأمر بالزواج. وأفاد 38 بالمئة من العمال أنهم خرجوا مع زميلاتهم في العمل بمواعيد عاطفية مرة على الأقل في حياتهم الوظيفية، فيما قال 17بالمئة إنهم فعلوا ذلك مرتين. وأشارت الدراسة إلى أن قرابة 20بالمئة ممن شملهم الاستطلاع اعترفوا بأنهم فعلوا ذلك، فيما قال 28 بالمئة إنهم خرجوا مع شخص أعلى منهم مرتبة في الشركة.
فقد أكدت دراسة علمية حديثة أجرتها مجموعة من علماء النفس بجامعة “سري” بالمملكة المتحدة أن الرجال يميلون إلى مغازلة زميلاتهم في العمل بسبب شعورهم بالملل الشديد من مهام وظيفتهم، بالإضافة إلي افتقارهم إلى الحس العاطفي. وأظهرت الدراسة التي أجريت على 200 شخص أن الرجال الذين يعشقون مغازلة النساء هم أقل رضا عن وظائفهم وهم أكثر شعوراً بالملل خاصة أوقات العمل، فالحقيقة هي أن المغازلة لا تدل على الشغف والسلوك العاطفي، بل هي أكثر تعبيراً عن السأم والضجر.
وأكد الباحثون أن الرجال الذين يقومون بمغازلة زميلاتهم في العمل هم أقل فهما لـ”الذكاء العاطفي” وأقل إحساسا بمشاعر الآخرين ولا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم، مشيرين إلى أن هناك دراسات سابقة أكدت أن النساء اللائي يقمن بمغازلة زملائهن من الرجال في مكان العمل هن أكثر سعادة في وظائفهن.
فتش عن المرأة

وتروي رحاب بحسرات تحرق القلب وبدموع ساخنة قصتها مع زوجها:
“كنت أعتقد ان زواجنا لن تهزه العواصف في يوم من الأيام، لا سيما بعد ان اصبح لدينا بنتان وولد في مرحلة الدراسة المتوسطة. 
وكنا انا وزوجي نعد المشاكل والأزمات التي تحدث بيننا ملـح الحياة الزوجية، وغالبا ما كنا نـعود أكثر ألفـة وارتباطـا بـعد كل مشكـلة.
لكن زوجي ميثم بدأ يتغير كثيرا بمرور الوقت، فمنذ عام تقريبا أخذ يعتني كثيرا بمظهره، وأصبح يشتري الكثير من الملابس والعطور، ثم راح يختلق الأعذار لتأخره عن موعد وصوله إلى المنزل، معللا ذلك بشدة الزحام أو بعطل السيارة الحكومية، مع العلم انها سيارة حديثة جدا”.
وبينت رحاب بألم: “ثم وضع ميثم رقما سريا لهاتفه، فبتنا لا نعرف عن اتصالاته شيئا مثلما كنا نفعل سابقا، وحين واجهته بشكوكي وانا في حالة غضب شديد رفع الرقم السري، لكن سيل (المسجات) لم ينقطع وكان يحذفها
أولا بأول، مدعيا انها رسائل قصيرة ترده من زملاء له في العمل.
وزاد من شكوكي ان زوجي قد كلف في هذه الفترة بنقل مجموعة من الموظفات ذهابا وإيابا إلى الدائرة التي يعمل فيها، وقال “لي الفأر الذي صار يلعب بعبي ليلا ونهارا ان زوجي قد وقع في حب إحدى الموظفات”، فذبلت أوراق العلاقة بيننا، وصرنا نتخاصم لأتفه الأسباب، حتى تركته مرغمة وعدت إلى منزل عائلتي بعد ان اكتشف ابني في سيارة ابيه حقيبة كبيرة مليئة بعطور وملابس نسائية 
جديدة”.
وأضافت: “بعد شهرين تجاوزنا هذه المشكلة عندما أقسم ميثم بأغلظ الأيمان ان لا علاقة له 
بتلك الحقيبة، وان ظنوني ليست في محلها، وسرد لي قصة كاذبة اقتنعت بها لتمشية الحال. وبعد عودتي إلى منزل الزوجية باسبوعين اخبرني ان دائرته قد كلفته بواجبات مسائية تقتضي منه المبيت خارج المنزل بين يوم وآخر فجن جنوني، وتأكدت عندها انه متزوج من إمرأة ثانية فتركت المنزل”.

تـقـول المـوظـفـة “رافضة ذكر اسمها” ان الزواج، وكما يقال، قسمة ونصيب بالفعل، ولم يخطر في بالي انني سأتزوج زميلي في العمل ، لكن الامور جرت بشكل جارف ومتسارع، ووجدت ما احلم بـه فـي هـذا الرجل.
واضافت ان “هذا المناخ يعطى فرصة كبيرة للاقتناع بالطرف الآخر والتعرف عليه بعمق دون الحاجة إلى الاختلاء، وهذا مـا يوفره مناخ العمل في مكان واحد وما يترتب عليه من تقارب ونضج شخصية إذا اجتمع مع توافر الإمكانات المادية، فانه امر قد يزيد من فرص نجاح العلاقات الرومانسية في العمل”.
وترى الدكتورة شيماء عبد العزيز (الاختصاص فـي علم النفس/ جامعة بغداد) أن “التواجـد فـي مجتمع من الزملاء في البيـئة العربيـة المحافظة يمثل خير بيئة للتقارب دون أن تعرّض الفتاة سمعتها للقيل والقال ودون الالتزام بالارتباط إذا لم تتفق مع الشاب الذي تقرب منها لأن علاقتهما كانت واضحة أمام الجميع ولا تحتمل الغموض والتأويل، وهنا يجب أن تكون الأسرة الحاضن الوحيد لتتعرف الفتاة إلى شاب. 
والزمالة حسب هؤلاء من أفضل الأجواء للارتباط، حيث يستطيع زملاء العمل أو الدراسة معرفة الكثير عن بعضهم البعض من خلال المجموعة والفريق الكبير الذي يعطى لكل واحد فرصة للتعبير عن رأيه وعن ذاته وأسلوبه في الحياة وطريقة ادائه تجاه الكثير من الأمور. 
جنة الأحلام

ويروي ميثم بصراحة تامة ما حدث من زاوية أخرى موضحا:
“مع اني تحملت ما تحملت من آلام ومنغصات في حياتي الزوجية، لكني في الحقيقة لم أفكر في الزواج من امرأة ثانية، إذ كان لي أمل في إصلاح ما كان يعكر العلاقة بيني وبين وزوجتي، وأن تتلاشى المشاكل وسوء الظن بمرور الوقت. 
ما حدث هو إني كلفت بنقل أحد المديرين وبعض الموظفات المهمات في دائرتي ذهابا وإيابا إلـى الدائرة، وأدركت حينها ان علي الاعتنـاء بمظهري وبما يتناسب مع واجبـي الجديد، لا سيما واني رأيت الكثير من سائقي المديرين يفعلون ذلك. 
وفي الكثير من الأحيان التي أذهب فيها بصحبة المدير إلى اجتماعات المؤسسة أرى ان سائقي المديرين يرتدون أفضل الملابس”. 
ويؤكد ميثم:
“هذا ما حدث بالضبط، وعلى الرغم من اني شرحت لزوجتي ما يتطلبه واجبي الجديد، إلا ان شكوكها لم تفارقها أبدا، لا سيما بعد ان ظهر أن واجبي يتطلب نقل المدير أحيانا في أوقات لا علاقة لها بساعات الدوام الرسمي. ولم تتفهم زوجتي وضعي الجديد فثارت الأزمات بيننا وانهار جدار الثقة، وبدأت حياتي وحالتي النفسية تتحطم يوما بعد آخر، وصرت أفكـر فـي الـفرار إلـى زوجـة جديدة أجد فيها الحنان والسعادة.
وسرعان ما وجدت ان احدى الموظفات التي اقوم بنقلها تبدي لشخصي الكثير من العناية والاهتمام، ووجدت نفسي منساقا للألفة معها حتى ذاب الجليد بيننا وبدأت علاقتنا تأخذ مساحة واسعة من الوقت للتعبير عن مشاعر الود والشـراكة والتعـاطف.
واضاف: “وبمرور الوقت عبر زورق العلاقة من نهر الصداقة إلى بحر الحب وصرنا نتحدث عن مستقبلنا كشريكين ونخطط لتحقيق ذلك الحلم الوردي، حتى تم ذلك الأمر وبات واقعا جميلا لا يمكن التخلي عنه”.
وعن مستقبل أولاده في مواجهة التفكك الأسري يقول ميثم:
“لا أعرف، ليسوا أول من سيتعرضون لهذه المشكلة وليسـوا آخرهم بالطـبع. 
لكني سأبذل كل ما بوسعي من أجل رعايتهم وتحقيق رغباتهم وتربيتهم بشكل سليم لكي لا ينزلقوا في متاهات الجريمة والضياع”.

اترك ردا