7 - تقارير وتحقيقات عام

صوت التكفير يعلو.. ويمنع “شيعة السعودية” من زيارة كربلاء

عندما ترددت أصداء الطلقات النارية ظن علي (26 عاما) السعودي الشيعي أنها ألعاب نارية. لكنه ما إن رأى الناس تجري حتى أدرك أن طائفته المضطهدة في المملكة تتعرض مرة أخرى للهجوم من جانب تكفيريين وهابيين، وبعد دقائق كان خمسة من جيرانه قد سقطوا قتلى.

وكان حادث إطلاق النار الذي وقع يوم 16 تشرين الأول هو رابع هجوم يشنه إرهابيون من تنظيم داعش على الشيعة في السعودية خلال 12 شهرا.

وأسفرت تلك الهجمات عن سقوط 40 قتيلا وهزت الأعصاب في أوساط الطائفة التي نادرا ما شعرت بأن وضعها في المملكة بهذه الخطورة.

ولا يحظى مصير شيعة السعودية الذين يبلغ عددهم زهاء المليونين بالعناية من قبل السلطات السعودية التي تتبنى المنهج التكفيري الوهابي الذين يرون أن “التشيع كفر”.

ويشكو شيعة سعوديون منذ مدة طويلة من التمييز لكنهم أصبحوا الآن هدفا لهجوم عنيف. ومما زاد من قلقهم ومخاوفهم أن 16 شابا آخرين سيضافون إلى قائمة تضم سبعة يواجهون الإعدام بحد السيف لمشاركتهم في احتجاجات عامي 2011 و2012.

وتعتّم السعودية على انتشار التنظيم المتطرف في المجتمع، الذي يعد بحسب مفكرين ومراقبين للشأن السعودي، اكبر حاضنة إرهابية في العالم بسبب انتشار الفكر الوهابي الذي تسير على نهجه التنظيمات الإرهابية.

وابتلى العالم بحواضن إقليمية للفكر المتطرف، مازالت ولاّدة للإرهاب، فيما الدول الغربية وحلفائها بدت “ناعمة” في مواقفها تجاه هذه الفكر الذي تسبب في أحداث إرهابية جسام في أنحاء العالم.

وتركز السلطات السعودية على التمييز الطائفي وتقول إن من أدينوا في الاحتجاجات ارتكبوا أعمال عنف. وتقول أسر المحتجين إن المظاهرات كانت سلمية اعتراضا على التمييز وللمطالبة بالديمقراطية.

وما يقوله كثير من الناس في القطيف بالمنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية هو أن جوا من التساهل مع الخطاب الطائفي ويظهر في تعليقات رجال الدين السنة وفي كتب مدرسية وعلى الإنترنت يغذي الخطر الذي يواجهونه الآن.

وبعد أيام من أحدث هجوم تتبع علي المسار الذي اتخذه المسلح على طريق رئيسي وزقاق مترب إلى حيث كان الشيعة يحيون يوم عاشوراء.. ذكرى استشهاد الحسين (ع) حفيد الرسول.

وقال علي وهو يصف المسار الدموى للمسلح “هنا في هذا الركن أطلق النار على أيمن العجمي وعلي العسيري. وهناك في المساحة الخالية أطلق النار على عبد الله الجاسم. وهنا كانت الدكتورة بثينة العبد تجري بأطفالها. أصابها بطلق في القلب”.

وقال علي الرابح الذي تقاعد من وظيفته بشركة أرامكو النفطية “هذه كربلاء مصغرة. تعرضنا للهجوم مثلما حدث في كربلاء. تماما مثل الإمام الحسين” مشيرا إلى المدينة العراقية التي قتل فيها الحسين.

وفي رسالة بعثها سعودي شيعي الى “المسلة”، قال ان الشيعة يتعرضون الى المضايقات لمنعهم من زيارة كربلاء في العراق حيث قبر سيد الشهداء الحسين (ع)”.

وتتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية رسائل التحريض المكشوف على الشيعة وقد ازدادت سوءا منذ بدأت السعودية قيادة حملة عسكرية على جماعة شيعية في اليمن هذا العام.

ورغم أن الحكومة السعودية تقول إنها لا تتساهل مع التطرف فكثيرا ما يهاجم كبار رجال الدين من السنة الطائفة الشيعية ويصفونها بالكفر وتنشر صحف قصصا مفبركة عن الشيعة.

وينتقد الشيعة في السعودية والدول المجاورة الحكومة السعودية لعدم استجابتها لدعوات لجم الهجمات، إضافة الى ان السعودية باتت مصنعا للإرهابيين في العالم.

فقد كشف السفير الاميركي الاسبق في بغداد كريستوفر هيل في 2013، عن ان “السعودية تمثل التحدي الأكبر والمشكلة المعقدة بالنسبة الى الساسة العراقيين”، وفيما اكد انها “تمول هجمات القاعدة في العراق بحسب ما نقلته مصادر مخابراتية”، اشار الى ان “السعوديين ينظرون الى هذا البلد وكأنه حاجز يسيطر عليه السنة ضد الانتشار الشيعي والنفوذ السياسي الإيراني”.

وعبّر رجل دين سعودي العام الماضي، على وسائل التواصل الاجتماعي عن راحته بموت الشيعة في اليمن. لكن الشيعة يقولون إن على السلطات أن تبذل المزيد من الجهد للحد من مثل هذا الخطاب.

ويقول أنصار أسرة آل سعود الحاكمة إنهم مقيدون بمعتقدات معظم السعوديين الذين يعتنقون المذهب الوهابي المتشدد.

وفي أنحاء القطيف ارتفعت أعلام الحداد السوداء وأعلام خضراء وحمراء وبيضاء أو ذهبية ترفرف فوق الأسطح. وكان الرجال يرتدون عباءات أو قمصانا سوداء وترددت عبر مكبرات الصوت من المساجد أصوات العويل والندب التي تنضح بالحزن.

ومن مقاطع الفيديو المنتشرة على يوتيوب هذا العام مقطع يظهر فيه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية الذي يمثل أعلى سلطة وهابية ويصف فيه مواكب الشيعة بأنها “بدعة”، في اعتداء واضح على معتقدات طائفة من المسلمين.

وأثارت تعليقاته الفزع في القطيف. ويقول الشيعة إن مثل هذه الاتهامات قد تدفع متشددين لشن هجمات في بلد يعاقب فيه الكفر والإلحاد بالإعدام.

وقال جعفر الشايب أحد قادة الطائفة الشيعية في القطيف “لو أننا نعيش في مجتمع أكثر تسامحا لاستطعنا أن يفهم كل منا الآخر ولعرفنا ما يحدث بشكل أكثر توازنا. لكنهم ينظرون للآخر نظرة شك.

ويعتقد بعض الشيعة أن حاجة أسرة آل سعود لاسترضاء الوهابيين بالإضافة إلى سيطرة رجال الدين على القضاء هو ما أدى إلى صدور أحكام بالإعدام على أحد رجال الدين وستة من الشبان وتأييد هذه الأحكام في محاكم الاستئناف هذا العام.

اترك ردا