7 - تقارير وتحقيقات عام

شباب الجامعات في مرحلة ما بعد الأبيض يجربون الواقع “الاسود”

تباينت اسباب البطالة بين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بتنوع المشاكل التي تعانيها البلاد , والمتعلقة بالازمة المالية والفساد واختلاف جغرافية السوق بين محافظات شبه مزدهرة وأخرى فقيرة , مما ادى الى ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير في اوساط القوى العاملة , فيما لم تفلح محاولات مثل رواتب الرعايا والعاطلين عن العمل في معالجتها ولو بشكل جزئي , لتزامن ارتفاع الاسعار والغلاء في كافة السلع والخدمات الضرورية قياسا بما يتحصله العاطل من مبلغ .

 حسام عدنان صاحب الـ 25 عاما , أحد خريجي كلية الاعلام للعام 2014 , كان ضحية الاسباب الثلاثة (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) , حيث وجد نفسه بعد 16 عاما من الدراسة في مرآب لمبيت السيارات , قبل ان يضطر لمغادرته بداعي عدم كفاية واردات (الكراج) على تغطية اجوره اليومية .

 ويقول حسام الذي بدا يائسا من توفير فرصة عمل له , ان ” عمل كهذا لم يكن ليستحق هذه المدة من الدراسة , اذ كان بامكاني ان اترك المدرسة أيام الابتدائية لأشغل وظيفة حارس في كراج ” , مشيرا الى ان ” سنوات الدراسة التي قضيها من عمره , لم تكن سوى مضيعة للوقت والجهد , في حال لو توفر له فرصة عمل توفر له سبل العيش الكريم”.

 حسام الذي يؤكد ان  الحكومة يجب ان تلتفت له ولأقرانه ممن صبوا كافة طاقاتهم في سبيل الحصول على شهادة تمكنهن من المنافسة على الوظائف وتمنحهم درجة علمية معترف بها ” , دعا الى ” ايجاد حلول للازمة التي كانت سببا رئيسيا في تفاقم الهجرة , وترحال الطاقة الشبابية الى القارة العجوز , لتخليصهم من الواقع السوداوي الذي لم يكونوا يتوقعونه حتى في أسوأ توقعاتهم”.

 ويشير الدكتور مالك عبد الحسين , استاذ الكلية التقنية في البصرة في دراسة عن الموضوع اطلعت “عين العراق” عليها ان ” تدمير البنى التحتية وقيام الدولة ببيع الكثير من المشاريع الاستثمارية الى القطاع الخاص أو ما يعرف (بالخصخصة) , وتحريرالتجارة وفتح الاسواق على مصراعيها دون ضوابط كمية أو كمركية وافاقدها قدرتها على منافسة المنتجات المستوردة من مناشئ أجنبية بالرغم من تدني مستوى جودة غالبيتها , تعتبر من أبرز اسباب البطالة”.

 ويضيف ان ” من الاسباب ايضا إلغاء سياسة التعين المركزي للخريجين , و ضآلة دور القطاع الخاص في النشاط االقتصادي وانحسار دوره في النشاطات الوسيطة والتجارية , تفاقم أزمة المديونية الخارجية , ودفع التعويضات غير المبررة في الكثير من الأحيان ” , منوها الى ” ارتفاع معدلات النمو السكاني حيث تراوح المعدل بين 3% إلى 1.3% لألعوام 2117-1799 وهو اعلي من المعدل العالمي الذي يتراوح بين 1% إلى 1.9 %. ويعود هذا االرتفاع إلى تزايد معدل الخصوبة الذي يصل في بعض السنوات 1.3% وقد أدى ذلك إلى مضاعفة سكان العراق بمقدار 3.9 مرة خلال المدة المذكورة”.

 ويعتبر العراق من البلدان التي تعاني ارتفاعا حادا في نسبة البطالة , مما دفع الى هجرة الكثير من الايدي العاملة , بالتزامن مع عدم وضوح سياسة تشغيل الايدي العاملة الاجنبية , وانتشار العمال شرق الآسويين من البنغاليين والكمبوديين , الذين تنخفض اجورهم قياسا بالعامل العراقي , حتى صارت مشاهدتهم في مطاعم ومقاهي العاصمة شيئا مألوفا , بل وتعداه الى الشركات الاهلية الكبيرة مثل (كلوبال كلينرز) التي تستلم مهمة تنضيف العاصمة بغداد.

 وأعلنت الحكومة حالة التقشف في كافة مفصلياتها , وتقليل النفقات والغاء مناصب سيادية , بالاضافة الى تقليص اعداد الحمايات للرئاسات الثلاث , وترشيق الهيكل الحكومي وتخفيض رواتب الثلاث رئاسات .

 كما ويتوقع ان تخلو ميزانية العام 2016 من التعيينات الحكومية , خصوصا وانها تبلغ ما يعادل نسبة الـ25% من ميزانية العام الماضي , بسبب تدني اسعار النفط , وتوجيه جزء كبير من ايرادات البلاد للحرب على العصابات الارهابية , حيث يتوقع ان تكون ميزانية تشغيلية , ليس للقطاع الاستثماري نصيب منها .

 وينتظر من البرلمان ان يتم التعديل الثاني لمشروع الاستثمار الذي سيوفر فرص عمل كبيرة , سيما وانه سيسهم في اقامة العديد من المشاريع وسيقلل من الضغط على كاهل الحكومة , والذي من المتوقع ان يتم التصويت عليه خلال الايام المقبلة .

 وكانت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار نجيبة نجيب أكدت في تصريح سابق , ان ” قانون الاستثمار لايوجد اي خلاف سياسي عليه وهناك ارادة من قبل النواب لتمرير هذا القانون ” ، مبينة ان ” بعض أعضاء لجنة الاقتصاد يريدون ان يكون الاستثمار بيد الحكومة الاتحادية وليس بيد هيئات الاستثمار في المحافظات وهذا خلاف الدستور”.

 وبين الاسباب أكاديميا , والعراقيل التي تؤجل توفير فرص العمل تحت غطاء قانون الاستثمار او الازمة المالية والتقشف , ينتظر العديد من خريجي الكليات والمعاهد حلا مرتقبا للقضاء على الازمة , وعدم اضطرارهم الى اضاعة الخبرات التي اكتسبوها لخدمة البلاد في وظائف لا تحرك من عجلة التطور شيئا .

 

اترك ردا