عام فنون ومسرح

رحيل محمد مهر الدين.. رائد الحداثة في الفن العراقي

هذا طائر آخر من طير العراق المهاجرة المبدعة يرحل في الغربة محلقا بجناحين متعبين، فيما عيناه تصبوان نحو الوطن وقلبه ينبض بالشوق له.

نعى الوسط التشكيلي العراقي خاصة والوسط الثقافي عامة، وبكل اسى، الفنان التشكيلي العراقي الكبير محمد مهرالدين الذي وافاه الاجل في العاصمة الاردنية عمان عن عمر 77 عاما،بعد صراع مع المرض.

ويعد الفنان الراحل احدى قامات التشكيل العراقي المبدعة، وقد قيل انه كالرسام الايطالي دافنشي كلاهما يبحث عن فيزياء اللون في العمارة التشكيلية، كما يعد أحد أبرز التشكيليين العراقيين في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، حيث يقول عنه المتابعون له انه أدخل مواد مختلفة وأساليب وتقنيات جديدة في رسم اللوحة إضافة إلى حرصه على إبراز البعد الإنساني في لوحاته وطروحاته حول الإنسان واغترابه، فيما يؤكد الكثيرون انه يمثل ارثا وطنيا كبيرا وثروة لاتقدر بثمن لانه فنان مس الموضوعات الخطرة وافصح عن رأيه بكل جرأة وشجاعة واستطاع النطق بما لم يستطع احد غيره آخذا بنظر الاعتبار قيمة البحث عن جديد جيد يدخل في باب الحداثة وانجز للفن العراقي المعاصر اروع نفائسه الثمينة.

والفنان الراحل مقيم في عمان منذ عام 2006، ويمتلك مسيرة فنية مميزة وزاخرة بالعطاء تمتد الى اكثر من نصف قرن.

ولد محمد مهر الدين في محافظة البصرة عام 1938، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، أحبّ الرسم في سنوات طفولته، وكان لأستاذ الرسم في المدرس الابتدائية فرج عريبي الفضل في اكتشاف موهبته وتشجيعه على دراسة الفن، فانتقل إلى بغداد عام 1956 لدراسة الفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة فاكمل دراسته فيه عام 1959، ويؤكد مهر الدين أن مواضيع رسوماته الأولية كانت نابعة من واقع البيئة البصرية والتراث العراقي، لكنه بدأ يتناول مواضيع إنسانية مع دخوله معهد الفنون الجميلة، ما أهله للمشاركة للمرة الأولى في معرض جمعية الفنانين ببغداد في عام 1959.

أكمل الراحل دراسته العليا في بولندا، وبالتحديد في أكاديمية الفنون الجميلة في وارشو التي حصل منها على شهادة الماجستير في الرسم والكرافيك، فتأثر برواد الحركة التشكيلية في بولندا واسبانيا، ويصف الراحل مرحلة الدراسة في بولندا بالغنية لان الحركة الفنية في هذه البلاد خلال فترة ستينيات القرن الماضي كانت نشطة، وشهدت تقدماً وتطورا في مجالات الفن المختلفة. وحينما عاد الى بغداد اقام اول معرض شخصي له عام 1965، فيما عمل مدرسا لمادة الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد لسنوات طويلة.

اترك ردا