7 - تقارير وتحقيقات عام

تكريتيون ينفضون غبار “الخلافة” متنفسين الصعداء ويقولون: عائدون لمنازلنا وإن كانت مهدمة

بالقرب من قلعة اربيل الشهيرة وسط عاصمة اقليم كوردستان العراق تجلس عوائل تكريتية تتنفس الصداء بيوم مختلف قد يفتح لهم باب العودة مباشرة نحو مدينتهم التي سيطرة عليها تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” قبل تسعة أشهر.

العوائل التكريتية فرت بشكل شبه كامل نحول اقليم كوردستان في اول ايام “الخلافات الإسلامية” التي زُعم نشأتها في مدينتهم ومدن مجاورة بينما فر اخرون نحو الشرقاط البلدة القريبة من تكريت.

ورغم الحياة المنفتحة على العالم في اربيل الا ان التسعة اشهر مرت على تلك العائلة بترقب شديد وحزن معه لما الت اليه مدينتهم التي كان ساكنوها يعدون من المترفين نسبيا، في المدينة المتجذر منها صدام حسين والذي اطاحت به الولايات المتحدة بحكمه في حرب 2003.

التكريتيون كانوا يسمحون للنساء بقيادة السيارة وكانت مطاعم المدينة التي فتحت قبل احداث حزيران عامرة بسكان المدينة والوافدين وجامعتها كان تزخر بالكرنفالات التي يقيمها الطلبة بين الحين والاخر لكن اجتياح “داعش” حال من دون قيامهم بمزاولة حياتهم الطبيعية.

يقول صكر التكريتي وهو رجل ستيني يجلس مع عائلته بالقرب من النافورة الشهيرة بأربيل لـ”شفق نيوز” “اليوم احس بالربيع في كوردستان وبنورز حيث ينتصر الحق على الباطل في قصة كاوة الحداد”.

“بعد تسعة اشهر في اربيل لم نذق طعم الفرح لا في العيدين ولا غير وقت الا الان” يردف التكريتي.

ويبرر ذلك بقرب العودة الى تكريت شعوره ليس الوحيد فكل شخص يحمل الامل والفرح الظاهر في الوجوه.

وفي كركوك حيث يتواجد نازحون من تكريت بخيام اعدتها منظمات دولية تقول رسمية الحسن ابنة الثلاثين ربيعا “الخيمة لا تساوي المنزل حتى وان كان مهدما”.

وتضيف لـ”شفق نيوز”، “سنبني بيوتنا بالطين حتى وان كان مهدما فنحن نعيش حياة اسوء ما توصل بأنها تشيه حياة السابقين قبل عام4000”.

تكريت خالية في انتظار اجراس العودة

يقول مراسل “شفق نيوز” في تكريت ان المدينة خاليا تماما من السكان الذين فروا على شكل افواج في كل مرة منذ الصيف الماضي.

وتبدو مبانيها على الاغلب جيدة باستثناء بعضها التي احرقها تنظيم “داعش” يوم 11 من حزيران وما بعده، فيما تبدو القليل من المتاجر محروقة منذ ساعات قليلة لكن اغلب المنازل لا تبدو عليها اثار الحرب.

وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد دعا الجيش العراقي وأفراد من الحشد الشعبي “المنصف” إلى التمسك بالأرض في تكريت وإبعاد ما أسماها “المليشيات الوقحة” عنها.

altويبدو من كلام الصدر انه يحاول ان تكون تكريت مركز محافظة صلاح الدين (175 كلم شمال بغداد) مدينة متأخية بين السنة والشيعة من دون عمليات انتقام قد تحدق خصوصا ان البعض من سكانها اتهموا بأنهم شاركوا في مجزرة سبايكر.

وينفي السكان ذلك ويؤكدون ان تنظيم “داعش” هو من اقدم على اعدام 1700 جندي عراقي فروا من قاعدة سبايكر الجوية شمال المدينة ورمى بجثث الكثير منهم بمياه نهر دجلة.

وهو الامر الذي يثير الخلافات بين الاطراف في تكريت التي تعد ابرز معاقل السنة وقد يتسبب في اذكاء عنف بينهم وبين اهالي جنود القاعدة الشيعة.

لكن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وفي محاولة منه لانهاء مشاعر العنف رفع العلم العراقي وسط المدينة وتجمع خلفه مقاتلون سنة وشيعة ومسؤولون واكد على التأخي والتعاون لعودة النازحين.

يقول محمد علوان وهو طالب جامعي شاب فر من تكريت نحو سامراء لـ”شفق نيوز” ان “العبادي دخل الى قلوب التكريتيين وجميع العراقيين فهو ارسل رسالة وطنية من خلال رفع العلم العراقي وسط تكريت واكد ان المدينة محررة بالكامل لكننا نطمح للعودة سريعا الى حياتنا ومقاعدنا الدراسية وجلساتنا الشبابية”.

حكومة صلاح الدين: المدينة محررة والعودة قاب قوسين او ادنى

في بلدة العلم المجاورة لتكريت والتي كانت اول المناطق المحررة وسط المحافظة قبل اسبوعين تقريبا يقول رئيس لجنة الامن في مجلس صلاح الدين والذي ينحدر منها جاسم جبارة ان “تكريت باتت محررة بالكامل وهي مهيئة لاستقبال ابنائها”.

الجبارة الذي شارك في قتال متطرفي “داعش” لا ينفي وجود عبوات وبعض الجيوب التي يجري تطهيرها لكن ذلك بنظره لا يفسد في الود قضية فعاصمة المحافظة محررة كما يقول.

ويستطرد في حديث لـ”شفق نيوز” من مضيف قبيلته الذي دمره التنظيم عند الاجتياح ان “السكان يمكنهم العودة فور انهاء بعض الاجراءات في الوقت القريب خلال هذا الشهر”.

ورغم خسارة العشرات من المقاتلين السنة والشيعة المنضوين بالحشد الشعبي (متطوعون موالون للحكومة) وكذلك لقوات الجيش والشرطة العراقية ارواحهم لكن ذلك لم يمنع ذويهم من الاحتفاء بتحرير تكريت بجهد عراقي مشترك اجتمع بعد غياب لسنوات اثر الصراعات السياسية التي عاشها العراق الجديد.

امية جبارة ايقونة الاحتفاء

altويرى مراسل “شفق نيوز” بعد جولة ببلدة العلم- التي تتبع اداريا لتكريت- الكثير من السكان الذين عادوا الى منازلهم في الايام الماضي بعد عملية تحريرها التي سبقت تكريت، إلا ان اغلب العائدين لازالوا يفتخرون بأن “ارضهم قد ولدت امية جبارة”.

وامية هي مستشارة محافظ صلاح الدين لشؤون العائلة لكنها قتلت عندما كانت تقاوم تنظيم “داعش” الذي كانوا يحاول اقتحام العلم في حزيران وهو ما كان مختلفا في العراق حيث لم يشهد في الوقت الحالي ان تقاوم امرأة حاملة سلاح بي كي سي، لتتحول بعد ذلك الى رمز للمقاومة وايقونة الاحتفال بالنصر من خلال زيارة قبرها بشكل مستمر مما يفسح المجال لتحوله الى “مزار الثورة” كما يقول الزائرون.

اترك ردا