لم يعد حليم الفلوجي ينام مساء، نسي ذلك منذ نزح من منطقة البو فراج التي تصاعدت فيها الاشتباكات إلى مدينة الحبّانيّة التي تحوّلت ملاذاً آمناً للهاربين من القصف.
لدى الفلوجي (40 عاماً) أربعة ابناء صغار، ويظلُّ في حراستهم طيلة الليل خشية من أن تلدغهم إحدى الحشرات أو الزواحف المنتشرة في الحبانيّة بسبب البيئة الصحراوية.
ومنذ بدء الأزمة التي اندلعت في الانبار في كانون الاول عام 2013، نزح اكثر من نصف مليون مدني من المحافظة المحاذية لسوريا، اغلبهم من النساء والاطفال، وتوزّع هؤلاء على محافظات العراق، وخاصة في محافظات الوسط وفي اقليم كردستان الذي استقبل اكثر من 20 الف نازح من الانبار وحدها.وأدّت الأزمة الأمنية في العراق إلى سيطرة تنظيم “داعش” الإجرامي على مساحة نحو ثلث العراق، الأمر الذي أدّى بدوره إلى أكبر موجة نزوح لم يشهدها العراق من قبل.
وفي الانبار تسكن بعض العوائل النازحة المباني المهجورة والمدارس و المنازل التي بني نصفها.
قال الفلوجي في حديث لـ”الغد برس” أنه “أبقى طيلة الليل في حراسة الأطفال.. أنام ساعات الظهر فحسب”، لافتاً إلى أن “البرد والحشرات والأوضاع الأمنية تكالبت علينا”.
وقد أُصيب عدّة أطفال بلدغات عقارب في الحبّانية، الأمر الذي جعل العائلات تخاف بشدّة على أولادها.
وتخللت عمليّة إيواء النازحين وإيصال المساعدات إليهم حالات فساد كثيرة، الأمر الذي زاد من حنق النازحين على الحكومتين المحليّة والاتحادية في الانبار.
تصف لقاء وردي، رئيس لجنة المهجرين في البرلمان، المساعدات التي تقدمها الحكومة بأنها “لا تكفي لــ20% من حاجة النازحين”.
وأكدت وردي في حديث لـ”الغد برس” أنه “حتى المساعدات التي ترسلها المنظمات الدولية ليست كافية ولا تسد حاجة النازحين الذين يُعانون الان من تفشي الامراض وغياب البيئة الصحية السلمية”.
وتقع الحبانية على مقربة 20 كلم من أكثر المدن سخونة في الأنبار، والتي ظلّت عصيّة على قوّات الجيش والشرطة رغم مرور سنة على الوعود باختراقها والسيطرة عليها وهي الفلوجة التي صارت حصناً للمسلحين، وحيث يقبع نحو 20 ألف مدني داخلها يعانون حصاراً من قبل تنظيم “داعش”.
أشارت وردي إلى أن “غياب المساعدات وصعوبة وصول الادوية ادى الى تفاقم في حالات سوء التغذية والجوع لدى الاطفال”، موضحة أن “الهياكل التي يقطنها النازحين في الحبانية غير صالحة للسكن وتكثر فيها الامراض والحشرات مما دفع بعض المنظمات الى توزيع مبيد الحشرات عليهم”.
لكن الفلوجي نفى أن تكون أي مبيدات قد وصلت إلى النازحي.
وقال “الحكومة تتحدّث عن أشياء كثيرة في الإعلام لكن على أرض الواقع لا شيء واقعي”.
