عام فنون ومسرح

المسرح النسوي العراقي يحاول استعادة ذاته من خلال “نورية”

رداً على الأقاويل التي تدعي غياب الصوت النسوي من الثقافة والأدب والفنون العراقية , تظهر ” نوريّة ” بولادتها التي أثارت و أثرت بالمُتلقي , وبين فلسفةٍ وجودية للنص المسرحي لمؤلفة العمل و مخرجته ليلى محمد , و أداءٍ حرفيٍّ عميق جسدتهُ الفنانة هناء محمد في صراعٍ بين الخوف والطمأنينة , الحقد والحب , الأمومة و الطفولة , الرعب والتحدي ظهرت مسرحية “نورية” كعملٍ نِسويّ صرف حيثُ عُرضَ العمل مساء يوم الإثنين الفائت على قاعة المسرح الوطني وبحضور نخبة من الفنانين و الجمهور العراقي.
حيث قالت مُخرجة العمل و مؤلفته ليلى محمد “إن فكرة العمل فلسفية حيث إنه يبحث بالوجود وماهية الحياة و أسباب مغادرتنا الحياة دون استعدادٍ لذلك أو قبولنا أو رفضنا تساؤلات حول القتل والدمار والإغصاب والفقر هذا كله خشن وصعب و مؤذ لذلك حاولنا تجميل المأساة بالموسيقى و النص وذلك حيث قُمت بعزف آلة الﭼلو وذلك لغرض تجميل الفكرة وجعلها قليلة الحدة والخشونه والتجريح ”
وأضافت محمد ” لقد تميزت أغلب أعمالي بمناقشة مواضيع االمرأة العراقية حيث شغلت خمسة اعمال مسرحية تخص المرأة بين تمثيلي و إخراجي و سواء أكانت مونودراما او غيرها “و بينت محمد قائلة ” إن العمل فلسفي بالفعل ولكنها ليست الفلسفة التي تصعب الوصول إلى المُتلقي وذلك لأن لكل بيت عراقي اليوم يمتلك شهيداً و مفقوداً , فلسفة العمل لم تكُن متعالية , وكانت تُناقش مشكلة الموت والتي وضع الحل لها بأن البطلة تُعيد إبنها إلى رحمها ليس خوفاً عليه من الموت فقط بل هو رد و تحدٍ و انتفاض على ذلك الغول الكبير الذي يُدعى الموت والذي بات يقتات علينا الواحد تلو الأخر دون توقف”
فيما أكدت مخرجة العمل ” إن العمل مهم و ممتع مع فنانة كبيرة مثل هناء محمد و التي وقع عليها الإختيار في عمل كهذا لأننا على دراية إنها من أكفأ الفنانات اللاتي سيجسدن مثل هذا العمل , و بالرغم من إن العمل يتحدث عن المرأة بشكل حصري إلا إنني لا بد من أن اشكر جميع الرجال الذي ساهموا بإنجاز هذا العمل ”
بدورها ذكرت بطلة العمل الفنانة هناء محمد “الفكرة تتحدث عن معاناة المرأة العراقية التي أصبحت هَرِمة و قد لامسها الخرف , و أصبح الموت يطاردها إلا إنها حاولت الهروب منه بإسترجاع ماضيها بين الطفولة و الشباب و الزفاف و إنجاب طفل الذي حاولت بدورها حمايتهُ من الموت و إرجاعهُ إلى رحمها بعد ما يقارب العشرين عاماً من ولادته لكي لا تصله يد الموت وبذلك كان العمل يحمل شيئاً من السريالية ”
و بينت بطلة العمل ” إن العمل على مسرحي “نورية ” إستمر أكثر من شهرين ونصف مليئة بالتدريبات والتحضيرات المستمرة وتضمن التمرين في 9 قاعات و اليوم كانت القاعة العاشرة عملت أكثر من أربع بروفات خلال اليوم و تكيّفت حركتي وفق الإضاءة لأن القاعة مظلمة والإضاءة غير كافية رغم الجهد الذي بذله مدير الإضاءة ”
كما ذكر الدراماتورج يوسف رشيد ” إن الفلسفة نتاج تأمل وهو موضوع إنساني يمكن أن نصل بهِ الى المتلقي وفق أساليبنا التي نستخدمها من أجل ملامسة فكر المُتلقي , فالمسافة الجمالية التي من الممكن أن نحققها بيننا وبين المتلقي وكيف يمكن لنا التحكم بهذه المسافة تتركز في الصورة التي نظهرها من خلال العمل لتكون كفيلة بإيصال الفكرة كما ينبغي
و أضاف رشيد قائلاً ” من المؤكد نحن بحاجة إلى مدة عرض أطول كأن تكون شهراً أو أكثر إلا إن الإمكانيات المُتاحة تجبرنا على تقليص مدة العرض إلا إننا نأمل إطالة المدة وفق الجمهور الحاضر”
و بين الفنان المسرحي رائد محسن ” مسرحية “نورية” تمتاز بالمونو دراما و التي تجسدت بشخصة واحدة جسدتها الفنانة هناء محمد , و دراسة معاناتها ومشاكلها لغاية وفاتها الجميل بالموضوع إن المؤلفة والمخرجة و الممثلة عنصر نسائي وهذه تعدّ ظاهرة جديد بالمسرح العراقي و أنا شخصياً من مشجعي أن يكون للمرأة العراقية هذا الدور المهم والفعال في المسرح العراقي فهي خرجت عن إطار كونها ممثلة فقط وأصبحت إضافة الى التمثيل مخرجة ومؤلفة”
وبين محسن قائلاً ” العمل بشكل عام يتميز بنص شاعري و بليغ وسهل الوصول الى المُتلقي , وقد جسدتهُ فنانة ذات سطوة على المُشاهد وذات قدرات كبيرة تتناسب مع تمثيل نصوص مونودرامية”
و أضاف المخرج والفنان سنان ألعزاوي ” أُشجع لمسرح النسوي , وسأحاول تعزيز ذلك من خلال إفتتاح مهرجان المسرح النسوي الذي سيتم خلاله عرض مسرحية نورية من جديد ”
و بين العزاوي قائلاً ” النص و الفكرة والأخراج كان من قبل فنانة ذات سيرة كبيرة وعميقة بالفن العراقي و جسدتهُ أداة مهمة و طيعة و كتلة من المشاعر والأحاسيس والحرفية مثل هناء محمد فمن البديهي تكون النتيحة عمل مهم وكبير”
وأشار العزاوي “العمل رائع لكن هذا لا يعني إن العرض متكامل في جميع طروحاته فهنالك وجهات نظر تختلف إلا إنها لا تخلف من الود قضية , كنت أتمنى أن يكون فضاء العرض أقرب إلى الواقعية السحرية إلا إن ليلى محمد إرتقت إلى الفنتازيا وهذا رأي كمخرج”

اترك ردا