3 - الصفحة الثقافية عام

الشاعر هادي الحسيني: عام 2014 عاما ابداعيا بالنسبة لي

عد الشاعر والكاتب هادي الحسيني ان العام 2014 كان بالنسبة له عاماً ابداعياً، لما انجز فيه  على صعيد التأليف، إذ صدر له كتاب “الحياة في الحامية الرومانية” ودفع للنشر مجموعتين شعريتين، الأولى “تماثيل الموت”، عن “جرائم الإرهاب”، والثانية “قصائد أوسلو”، التي تنهل من تفاصيل الحياة في العاصمة النرويجية، أوسلو التي يقيم فيها الحسيني منذ اكثر من 16 عاما.

البحث عن الأفضل

وعلى الرغم من طول المنفى، إلا ان الحسيني، حاضر في المشهد الثقافي العراقي، ومازال يوطّد علاقته بمُجايليه “الستينيين” و”السبعينيين”، من شعراء وكتّاب، ويتابع عن كثب الأجيال الشعرية اللاحقة.

 وديدن الحسيني، البحث عن الأفضل، وتحقيق مشروعه الشعري الخاص به، الذي لم يكتمل بعد.

فيقول: – مُقِرّاً بصعوبة كتابة الشعر، غير مستسهل الخوض في القصيدة الحقيقية، “كتبتُ الشعر، وجرّبت فيه منذ ثلاثة عقود تقريبا، لكني لم أجد ضالتي، إلا في قصيدة النثر، التي أعدها المُعبّر الوحيد عن هموم الناس ومعالجة مشاكلهم”. وأردف في الحديث “أطمح لقصيدة صافية في كل الأوقات”.

وإذ طار الحسيني بعيداً عن سرب “رفاق” الشعر والحياة في الوطن، منذ تسعينيات القرن الماضي، الى أوسلو في النرويج، فان المهجر الجديد أبرَزَ إليه حياة جديدة يصفها بأنها “عنوان للتحضر والثقافة والانفتاح على الآخر”، ليكشف كم هي “حياة الإهانة، القمع والسجن التي يعيشها الشرق، وكيف تحكّمت العقلية السلطوية في مصير الإنسان”، معتقداً أن “الأدب والفن والإبداع، فتَحت له أقفال ثقافات الشعوب الأخرى”.

هجمة بربرية

لكن هذا الحسيني، الذي نهل من الثقافة الأوروبية، يُبرز ما في جعبته من حنين للأصل، ووفاء للجذور، وقد منحه ذلك جرعة مناعة من الانفصام، الذي دبّ في روح البعض ممّن هاجر إلى الغرب، وأدار ظهره لتداعيات الأحداث في بلده، فيقول في هذا الصدد “ما يحدث في بلداننا، هجمة بربرية من قبل إرهابيي العصر، وهو صنو حروب عالمية دمّرت أوروبا لعقود طويلة من الزمن، لكن الشعوب الحية، تمكنت من صنع إنسان جديد لبناء الأوطان بطرق حضارية، وثقافة رصينة، من مقوماتها الأساسية، عامل الإبداع “.

وإذا كان لابد من القول ان الأدب، لا سيما الشعر، “حرفة”، فان روحها سيكون “الإبداع”، كما يصف ذلك الحسيني، عاداً “تحوّل المبدع إلى حرفي لأجل الحصول على المال فحسب، ينتقص منه مبدعاً”.

إشاعة الجمال

 ان من أهم مهام الشعر في العراق اليوم، بحسب الحسيني، وفي ظل حقبة زمنية يسعى فيها الإرهاب الى نشر البشاعة والتخلف، هو إشاعة الجمال ونشر الوعي عبر نصوص، توظّف الجمال والحب في البناء النفسي للأجيال الجديدة.

وفي هذا السياق، فان الحسيني، حريص على الدوام، على إصابة كبد الحقيقة، بتحويل الحدث في الوطن، إلى “فعل شعري”، كما يقول.

  وهو يأسف لأن تأثير الشعر اليوم، بدا أقل وقعاً عمّا في أوقات مضت، لأن ذائقة المتلقي تغيّرت، ناهيك عن صعوبة إيصال المفردة الشعرية، إلى مسامع الآخرين، واقتصرت مدياتها على النخبة تقريبا.

وعلى الرغم من ذلك، فان الشعر مازال الأقرب إلى الذائقة من الرواية أو القصة أو الكتابة النثرية، ومازال صاحب الدور الأول الفعّال داخل القلوب، بحسب الحسيني. ولابد للحسيني بحكم إقامته الطويلة في الغرب من التعريج على دور الشعر الأوروبي، صاحب الأثر البارز في تخليد ثورات الشعوب التي قالته، وكيف أسهم في إرساء، ليس قيم الجمال فحسب، بل في توجيه التطور، وتعزيز حقوق الإنسان، ورفاهية المجتمعات.

ومقارنة مع الشرق، يشير الحسيني إلى “دور الشعر في العالم العربي، حيث تحكمت الدكتاتوريات فيه، وسعت السياسة إلى توظيفه لصالحها”.

ولهذه الأسباب، فإنه يرى أن “الشعر العربي عامة، والعراقي خاصة، لم يتمكن من تحقيق غايته النبيلة، على الرغم من نجاحه، في أوقات كثيرة، في لعب دور الممجّد الوطن، والمنتصر للمظلوم”.

وفي حالة مثل الحسيني، لابد للترجمة من زاوية تحتلها في ساحة إبداعه، فيعترف متواضعاً، بأن له “مساهمات قليلة ومحدودة في الترجمة من النرويجية إلى العربية، كما ان أغلب المترجمين، حديثو العهد في النرويج، القريبة العهد بالأجانب”.

يسترسل الحسيني في الحديث “رغم أني لست مترجماً، إلا أنه يكفيني أن أقرأ وأكتب وأترجم ما يبهرني، وأنجزت حوارات مع شعراء نرويجيين مهميّن، نشرت واحدة منها في مجلة (الثقافة الأجنبية) التابعة لدار الشؤون الثقافية ببغداد، وثمة ترجمات قليلة جدا، لا تتعدى كونها محاولات لا أكثر”.

ويبقى السؤال الأزلي أمام المغترب.. هل من عودة إلى العراق، أم هي أضغاث أحلام، فحسب؟.

ولا يلقي الحسيني الكلامَ على عواهنه، حين يقول “أتمنى العودة، هذا اليوم قبل الغد، لقد قضيت أكثر من ثلاثة أرباع عمري في غربتين، الاولى كانت داخل الوطن، طوال أكثر من عقد من الحروب والاعتقالات، وفي الأردن ثم النرويج حيث أقيم الآن، لكن في الحالين، سواء تمكّنت من العودة أم لا، فسيبقى الوطن في قلبي”.

اترك ردا