7 - تقارير وتحقيقات عام

السعودية تبحث عن الحلول بعد تورطها في المأزق اليمني

بعد مرور أكثر من ١٣٠ يوماً على العدوان السعودي أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي في روما أنه ليس للأزمة اليمنية مخرج غير الحل السياسي. يأتي إستنتاج الجبير بعدما حصد العدوان العسكري آلاف الشهداء والجرحى دون تحقيق أي من أهدافه الموسومة ليفتح باب التساؤل حول الأسباب والظروف التي دعت الجبير للحديث عن العملية السياسية “عبر مخرجات الحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية ذات الصلة”.

لم يكتف الجبير هذه المرّة بالإعلان عن الحل السياسي “والعمل مع حلفائنا في مجلس التعاون الخليجي وأصدقائنا حول العالم، للخروج بتسوية تساعد اليمن على تخطي مشاكله الاقتصادية في المستقبل”، بل شدّد على أن “الحوثيين(أنصار الله) جزء من الشعب اليمني، ولديهم دور ليلعبوه في مستقبل اليمن، لكن لا يمكن أن يكون لهم دور خاص، أو تشكيل ميليشيات خارج إطار الحكومة”.

يفتح طرح الجبير هذا باب التساؤل حول الأسباب التي دفعت بالخارجية السعودية للإعلان عن الحل السياسي في هذه الفترة بالتحديد، رغم أنها كانت من أبرز المخالفين في الفترات السابقة، فما الذي تريده الرياض من هذا الإعلان؟ وما صلة الواقع الميداني العسكري بإعلان الجبير؟

بين الميدان والسياسة

لطالما رفضت سلطات الرياض الدخول في أي حل سياسي خلال الفترة السابقة بإعتبار أن القوات الموالية للرياض لا تمتلك أي نصر ميداني يمكن إستثماره في المفاوضات، وبالتالي لا تستطيع السعودية فرض شروطها على أبناء الشعب اليمني. إلا أن التطورات الاخيرة في عدن ولحج وتحقيق قوات التحالف السعودي بعض الإنتصارات الميدانية عبر القاعدة وانصار هادي وبعض المرتزقة من دول عدّة تقف فعلياً وراء إعلان الجبير، وسماح السلطات السعودية لوفد أنصار الله بالوصول إلى مسقط لمناقشة الحلول السياسية مع مبعوث الأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ أحمد.

ما يعزز خلاصة الإستثمار السياسي للواقع الميداني هو الحملة الإعلامية والدعائية الواسعة التي شهدتها فضائيات عاصفة الحزم في الأيام القليلة الماضية، رغم أن أنصار الله لم تدخل عدن سوى لمواجهة تنظيم القاعدة، كما أنها حالياً لازالت متواجدة في العديد من المواقع العسكرية هناك فضلاً عن إنتصاراتها العسكرية في أغلب المحافظات اليمنية وبالتالي الحؤول دون إستنزافها من قبل مليشيات هادي وتنظيم القاعدة.

لا ندري إذاما كان يهدف الجبير عندما قال إن” الحوثيين (أنصار الله) جزء من الشعب اليمني، ولديهم دور ليلعبوه في مستقبل البلاد” للضرب على وتر الفتنة والإيقاع بين حركة انصار الله والمؤتمر الشعبي العام بإعتبار أن الوزير السعودي لم يتطرق إلى الرئيس السابق على عبدالله صالح وتجاهل الحديث عن أي دور للأخير في المستقبل السياسي، فهل يريد الجبير لتصريحاته أن تكون ورقة سياسية رابحة تمكّن الرياض من سحب البساط من الجيش اليمني وأنصار الله؟

يدرك وزير الخارجية السعودي أن تعنّت بلاده لا يمكن أن يطول في ظل الحراك الدولي المتأخر كونه يأتي بعد مرور نصف سنة تقريباً على العدوان، لذلك لابد من إعطاء المجتمع الدولي جرعات مخدّرة ريثما تتمكن مرتزقة السعودية من تحقيق إنتصارات ميدانية تعزز أوراق الرياض في المفاوضات. كما أن التطورات الحاصلة في المشهد السوري في ظل المبادرة الروسية الحالية تفرض على السعودية البحث بجدّية عن حل سياسي يحفظ ماء الوجه بعد ان فشلت في تحقيق ما أرادته عسكريا.

وتسعى الرياض بعد إقتناعها بفشل الخيار العسكري، لطرح المبادرة السياسية على وجه السرعة خشية أن تستعيد اللجان الشعبية وأنصار الله زمام المبادرة في المواقع العسكرية التي سيطرت عليها مليشيات هادي والقاعدة في الفترة الاخيرة. وستحاول الرياض حالياً التركيز على المناطق التي تمّ السيطرة عليها مؤخراً للحفاظ عليها وإستثمارها في الميدان السياسي، خاصةً أن بعض القبائل الجنوبية أعلنت تأييدها لأنصار الله ودعت لمواجهة مليشيات هادي والقاعدة.

ربّما تتهاون حركة أنصار الله حالياً في بعض المواقع العسكرية غير الإستراتيجية لإستخدامها في السياسة، أي تنسحب منها مما يفسح المجال أمام مرتزقة الرياض لدخولها، وبالتالي تلتف على الرياض لجرّها إلى المفاوضات حفاظاً على دماء الشعب اليمني ولكن دون التنازل عن كافة المكاسب التي حققها منذ بداية الثورة. بات جلياً للشعب اليمني والرأي العام العالمي أن السعودية ستمضي بعدوانها لو إستنفذت الـ٧٠٠ مليار دولار حتى تحقيق أي مكسب سياسي يحفظ ماء وجه الرياض، ويسمح لمحمد بن سلمان في الترقي إلى سلم العرش للوصول إلى كرسي أبيه، فبالنسبة لمحمد الإبن أي مكسب في الحرب على اليمن هو إنتصار “برتبة ملك”.

في الخلاصة، لا يخرج إعلان وزير الخارجية السعودي الأخير عن قاعدة الإستثمار الميداني في الحقل السياسي، لذلك قد تشهد العاصمة العمانية مسقط حراكاً دبلوماسياً نشطاً بإعتبارها على مسافة واحدة من الجميع، إلا أن سخونة الميدان ستنتقل إلى طاولة المفاوضات حيث سيحاول كل طرف الحصول على مكاسب إضافيّة، فلننتظر ونراقب.

اترك ردا