7 - تقارير وتحقيقات عام

الأخلاق الحقيقية تثري التجربة الحسينية وترفع من مكانة الشهداء كشريحة مناضلة في المجتمع

مرت الذكرى السنوية لعشرة (عاشوراء) التراجيدية الكبيرة في حياة العراقيين وعموم العالم الاسلامي، من دون رصد او تقويم لفاعليتها المتكررة في كل عام، بأعتباره طقسا موجبا لاغلب العراقيين على مختلف طوائفهم او تصانيفهم او اعراقهم، فبعيدا عن مسميات واقعة الامام الحسين في كربلاء، ثمة كتب ودراسات عربية واشراقية تؤكد مدى حزن العراقيين وحجم آلامهم في مقتل هذا الامام الشجاع ضمن واقعة حربية غير متكافئة بين طرفين غير متكافئين كانت فيها الغلبة لصوت الحق الحسيني.
*تبكيت الضمير
يقول احد الاساتذة العراقيين الذي لم يحبب ذكر اسمه حول هذه الواقعة التاريخية : ثمة طقس قد يذكرنا بأساطير السومريين القدامى، حينما كانوا ينوحون ويلطمون حول الإله (تموز) إله الخصب والنماء وهذا الطقس قد يستعيد ذكراه من خلال مصرع الحسين في يوم محرم عام (61) للهجرة لكن بالطبع بشكل مختلف لان الصيغة مختلفة والشخصيات كذلك وحقيقية .
ويضيف: العبرة في متون التاريخ وحواشيه المعروفة، حينما بدأت ماساة “العراقيين” في خذل الامام الحسين من خلال تعاقدهم الاولي معه لخلافة العراق، بعد موت والده العظيم علي بن ابي طالب في كوفة العراق. اذ ربما  ما زال العراقيون وحتى هذه اللحظة يشعرون بالذنب حينما وفدهم سفير الامام الحسين وابن اخيه (مسلم بن عقيل) حاملا رسالة الامام القدير في دولة العراق. على اعتبار أن  اهل الكوفة وباسم العراقيين  قتلوا هذا السفير الشاب ضمن احدى قلاعهم.
وجهة نظر أخرى
ويضيف صديقه الاستاذ عبدالله الموسوي (مدرس) مقتل سفير الحسين لاهالي الكوفة قد يدعو للغرابة حقا. ولكن اسباب مقتل (مسلم بن عقيل) غير معروفة حتى هذه اللحظة. ولعل من اسبابها ومراميها كيفية الاستمرارية في الحكم الراشدي في العراق، او ربما الخوف والذعر من القائد الاموي الدموي (عبيد الله بن زياد) الذي لم يتوان  بالمرة من قطع رأس الحسين، ورفع رأسه الكريم على رؤوس الرماح..
*في أكثر من حادث وحديث يروى
ويقول الدكتور (عبدالله السلامي)، في مدينة الشعب البغدادية:
ـــ علينا ان نعترف ان ما جرى في واقعة الامام الحسين (ع) اكثر من حادث وحديث يروى. وما زال لغز هذه الواقعة مكنونا في ذاكرة العراقيين القدامى، على الرغم من ان ابناء الوطن المحدثين لم يعرفوا شيئا عنها بالمرة، طالما انهم يرون ويستمعون اكثر من قصة او مأثرة للامام الشهيد، واغلبها من المخيال الشعبي البسيط.

*أن نكون أو لا نكون

الطالب حسن محمد (كلية الهندسة ببغداد) له وجهة نظر اخرى، حينما يقول غابت الاخلاق والمعايير الحقيقية في اثراء التجربة الحسينية بشكل خاص، طالما ان هناك موتورين وجهلة في قيادة او مسيرة المواكب الحسينية في الشهر المحرم الشريف.

*العبرة في الأمل
مما يبعث على التفاؤل والامل ان ينهض (رادود) حسيني يردد بصوته الشجن بعضا من تداعيات الحزن  والمتن الشائع لاستشهاد سيدنا الحسين بصوت عذب حقيقي، وبدراية مهذبة واضحة  .
عن هذا الصوت يحدثنا الملحن الشاب (فاضل الخشاب) قائلا:
ــ صوت باسم الكربلائي يحتمل الدراية في الانغام العراقية والعربية، صوت شجني متمكن في انفراده مع مجاميع (المرددين) ضمن ايقاع (اللطم) الحسيني المحسوب في مرثيات حسينية ومتن نصي يحترم العراقيين جميعا بعيدا عن السلطة الرثائية الطائفية المغيضة.
ويضيف وبكلمة شخصية اعتقد ان في ايقاع الصوت الحسيني الراهن يبرز باسم الكربلائي الذي لم ألتق به بالمرة، ولم نتعرف على صورته بتاتا، حتى وان توافرت لدينا الاسباب والموجبات.
ولكن لا باس طالما نحن نحب هذا الرادود الكربلائي الباسم في شجنه  لواقعة الحسين وان نستذكره في متنه ومبناه الصوتي باصوات  السيد (الصفتي) في المناقب النبوية المصرية او الشيخ (عبدالستار الطيار) في المناقب العراقية او القراءات القرآنية الحميمة، باصوات عبدالباسط عبدالصمد وابو العينين الشعيشع وعبدالفتاح الشعشاعي في قراءة القرآن.
*ختامها مسك

ختام جولتنا في يوم عاشوراء اجبرتنا حقا على الاستماع لهذا الصوت المجلجل الحزين وهو يحاول رأب الصدع بين طوائفنا الاسلامية المتقاتلة في عراقنا الدستوري الجديد.
فلنستمع ولو دقيقة الى هذا الصوت العجائبي الذي قد لا يبارى في مسألة المصالحة الوطنية.

 

اترك ردا