7 - تقارير وتحقيقات عام

“وول ستريت”: ارهابيو داعش يعتاشون على رواتب موظفي الدولة

تجني عصابات داعش ملايين الدولارات شهرياً من رواتب موظفي الحكومة العراقية العاملين بالمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم ولاسيما الموصل، كون حكومة بغداد تستمر بإرسال الرواتب حفاظاَ على الدعم المحلي هناك.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنا”، “كما هو معلوم، ان السيطرة على هذه الاموال تساعد داعش في تمويل نشاطها، اذ وصف المسؤولون الامريكان هذه العملية، بالخطرة كون التنظيم يجتجزأ من هذه الاموال ويعطي المتبقي الى الاهالي الذين يعتاشون على هذه الرواتب. وتسعى الولايات المتحدة على الرغم من هذه المعوقات بتدريب القوات العراقية لشن هجوما لاستعادة المدينة”.

ويقول مسؤولو البنتاغون، ان “الضربات الموجهة من التحالف الدولي على مواقع ارهابيي التنظيم حدت بشكل كبير واضرت بقيادة عملياتهم وجعلتهم يفقدون السيطرة في بضعة مناطق، لكن المسؤولين لم يخفوا توقعاتهم بصعوبة استعادة الموصل، نظراً لحزم الجماعة الجهادية في المدينة بشكل كبير بصرف النظر عن فقدان السيطرة على بضعة مناطق”.

وتضيف الصحيفة “المسألة المالية، تعد اكثر المشاكل مؤرقة للولايات المتحدة، فهي حائرة بين اجبار الحكومة العراقية على قطع هذه الرواتب كي لا تصل للتنظيم، وبين اقناع المجتمع السني هناك، بضرورة العمل مع حكومة العبادي للتخلص من المتشددين”.

وتوضح “تواصل الادارة الامريكية، تقديم المساعدات المالية للعراق التي تبلغ احياناً مئات الدولارات من كل عام، اذ تذهب غالبية هذه الاموال لقوات الامن المحلية وتطوير عمل جهاز مكافحة الارهاب، ومن غير الواضح ايضاً، ما اذا كانت هذه الاموال تذهب كرواتب للوظائف الحكومية المدنية اولا؟”.

وفي السياق ذاته، بينت “وول ستريت”، ان “وتيرة الخلافات بين واشنطن وبغداد تتصاعدت بشأن قطع الامدادات المالية لمحافظة الموصل لضمان عدم وصولها للتنظيم المتطرف، إذ تُعد مناقشة قطع الاموال على المحافظة، امر اشبه بالخيال، بحسب وصف المسؤولين الامريكان، فهم لا يستطعون الضغط على حكومة بغداد بقطع الرواتب على المدينة، لان هناك آلاف الاهالي سيتعرضون لكارثة انسانية، وإن بقت الامور على هذه الاحوال، فأن داعش سيستخدم هذه الاموال لشراء الاسلحة وتحصين نفسه بشكل جيد قبل انطلاق الهجوم عليه”.

ومما زاد المشاكل على الحكومة والامريكان معاً، ان بغداد حظرت بعد استيلاء الارهابيين على مدينة الموصل التحويلات المالية للبنوك هناك، ولكن هذا الاجراء لم يحد من نشاط التنظيم، بدليل ان مركز “كونسورتيوم” الدولي للابحاث الاقتصادية، اعد تقريراً في شباط الماضي وضّح فيه كيفية استيلاء داعش على جزء كبير من رواتب الموظفين الحكوميين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فهم يجنون الملايين من الدولارات سنوياً، بحسب التقرير الذي استند إلى عدة اتصالات في الولايات المتحدة والعراق.

ويؤكد المسؤولون الامريكان، ان مصادر تمويل الجماعة الجهادية تبدو متفاوتة مما يجعل من الصعب تقدير ميزانيتها بدقة.

ويرى مسؤولو الاستخبارات الامريكية، إن جهودهم ساعدت في عرقلة تدفق الايرادات المالية للجماعة الجهادية من خلال قصف مصافي النفط التي كانوا يستخدموها، حيث جنوا ملايين الدولارات من النفط في كل اسبوع، فضلاً عن الاعتماد على الخطف كوسيلة لزيادة وارداتهم بعد دفع دفع الفدية من قبل ذوي المختطف.

واكد هؤلاء الاستخباريون، ان الاموال التي حصل عليها التنظيم الارهابي جاء نتيجة سيطرته على المصارف العراقية في الصيف الماضي التي نفدت اموالها.

جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الامريكية الوطنية، قال امام لجنة مجلس الشيوخ الامريكي في لقاءات متكررة معهم “هناك مشكلة حقيقية بشأن هذه الاموال، فقطعها سيؤدي الى كارثة انسانية، وبقائها على هذا الحال سيزيد من عمر التنظيم في الموصل تحديداً”.

النقاش بين الحكومتين الامريكية العراقية على ما يبدو لن ينتهي بالرغم من انطلاقه منذ صيف العام الماضي، اي بعد وقوع الموصل بيد المسلحين بأيام، فهم اليوم يحاولان معالجة هذه القضية في ظل فرض المسلحون الضريبة على هذه الرواتب التي ترسلها الدولة العراقية، حيث تفرض الجماعة الارهابية على الراتب الواحد ضريبة 30% على كل موظف، فضلاً عن اعتمادها على الضريبة “الكمركية” التي تصل قيمتها 350 دولاراً للشاحنة الواحدة المحملة بالبضائع الداخلة الى الموصل، وهذا ما اشار اليه مسؤولو صندوق النقد الدولي الذين اعتبروا هذه الضريبة عالية جداً وتزيد من رصيد التنظيم من كل شهر.

الامر الآخر الذي يساعد التنظيم على بقائه في هذا الحال، ان غالبية اهالي الموصل هم موظفون في الدولة العراقية، نظراً لانعدام القطاع الخاص في العراق، فالموظفين هم من المعلمين والاطباء والمحاسبين والعاملين في البنوك المملوكة للدولة، وهنا يتعامل المسلحون بذكاء معهم خصوصاً بالامور المالية، حيث يفرضون عقوبات على الموظفين ممن يتخلف عن دوامه الرسمي لمنع الانهيار الاقتصادي في المدينة.

اترك ردا