9 - صفحة الحوارات عام

حوار مع الرئيس السوري بشار الاسد حول اخر التطورات في سوريا والعالم

  نشرت (بي بي سي نيوز ) حوارا مطولاً مع الرئيس السوري بشار الاسد تطرق فيه الى مفاصل مهمة لما تمر به سوريا والمحيط الاقليمي والعربي . وفيما ياتي النص الكامل للمقابلة..
أهلا بكم في (بي بي سي نيوز سبيشال).. أنا جيريمي بوين..
* لقد فقدتم السيطرة على مناطق واسعة من سورية.. وظهرت المجموعة الجهادية التي تسمي نفسها “الدولة الإسلامية”.. ربما هناك 200 ألف  سوري قتلوا في هذه الحرب.. وفقد الملايين منازلهم.. لقد وصف مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا الوضع في سورية بأنه الأزمة الإنسانية الأكثر خطورة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.. هل أصبحت سورية دولة فاشلة.
-لا.. ما دامت مؤسسات الدولة تؤدي واجباتها تجاه الشعب السوري.. لا يمكن التحدث عن دول فاشلة.. أما التحدث عن فقدان السيطرة فهو أمر مختلف تماما.. ما يحدث هو أن هناك غزوا من إرهابيين يأتون من الخارج.. والحكومة تقوم بواجبها في القتال والدفاع عن البلاد.
*هل لنا أن نعود إلى الماضي عندما بدأ كل هذا عام 2011 قلتم إنه تم ارتكاب أخطاء في معالجة تلك المظاهرات الأولى.. هل ارتكبتم أنتم شخصيا أخطاء.
-لا.. أنا لم أقل إننا ارتكبنا أخطاء في معالجة هذا الأمر.. أنا أقول دائما إن أي شخص يمكن أن يرتكب الأخطاء.. لكن هناك فرق.
-اتخذنا القرار بمحاربة الإرهاب منذ البداية واتخذنا قرارا بإجراء الحوار على المستوى الوطني.
*هل ارتكبتم أخطاء أنتم شخصيا.
-هناك فرق في السؤال الذي طرحته أنت.. حول خطأ السياسات من جهة.. أو خطأ الممارسات من جهة أخرى.. هناك فرق كبير.. إذا عدنا إلى السياسات.. فإننا اتخذنا القرار بمحاربة الإرهاب منذ البداية.. واتخذنا قرارا بإجراء الحوار على المستوى الوطني.. وأعتقد أن كلتا السياستين كانت صائبة.. أما إذا أردت التحدث عن الأخطاء في الممارسة العملية وأن بعض الأخطاء قد ارتكبت ضد بعض المدنيين.. فإن هذا حدث بين وقت وآخر.. وقد عوقب بعض الأشخاص لارتكابهم تلك الأخطاء.
لكنكم شخصيا لم ترتكبوا أخطاء في معالجة الأزمة..
*عندما تتحدثون عن الإرهاب في مواجهة ما تمثلونه أنتم.. أقصد أنكم تعرفون الاتهامات التي وجهت إليكم بأنكم ركزتم نشاط قواتكم في السنوات الأخيرة ضد الأجزاء غير  الجهادية من المعارضة المسلحة.. وإنكم حاولتم أن تقدموا للسوريين.. بشكل أساسي.. خيارا زائفا بينكم وبين أمثال القاعدة و”داعش”.. بمحاولتكم القضاء على المعتدلين.. ربما نجح ذلك كتكتيك سياسي.. أليس كذلك… هل هذا ما كنتم ترمون إليه…
– كل الأحوال فإن أوباما أجاب عن سؤالك عندما قال قبل بضعة أشهر إن انتظار.. أو الاعتماد على ما كانوا يسمونه معارضة معتدلة كان وهما.. كان ذلك مجرد حلم.. هذا هو الواقع.
*مازالوا يحاولون بناء ما يسمونه معارضة معتدلة.. أليس كذلك… لكن هذه المرة لمحاربة “داعش”.
-لكنهم قالوا إن ذلك وهم.. هو قال إنه وهم.. وجميعنا نعلم أن ذلك وهم.. حتى في وسائل الإعلام الغربية.. يتحدثون عن أن مجموعات ومنظمات “داعش” و”النصرة” والقاعدة هي السائدة.. إذن ذلك لم يحدث فجأة.. من غير المنطقي ولا الواقعي التحول فجأة من الاعتدال إلى التطرف.. لدى كل هذه المنظمات الجذور نفسها.
*لقد التقيت بعض المقاتلين الذين قالوا صراحة..”نحن لسنا متطرفين ولا ننتمي إلى القاعدة ولا إلى داعش”. وقالوا.. “إذا أتى داعش إلى هنا.. سيقتلنا”..  التقيت إحدى المجموعات العام الماضي في دمشق في الواقع.. قال لي أفرادها..”نريد بلدا شبيها بماليزيا أو تركيا”.. أعني أن هؤلاء ليسوا جهاديين ولا خطرين.. أليس كذلك…؟
-إذن.. لماذا تبخرت ما تسمى “المعارضة المعتدلة”… هذا هو السؤال.
*البعض يقول لأنكم هاجمتموهم.. وقتلتموهم.
-ولماذا لم نهاجم المتطرفين من أمثال “داعش”…
*ماذا بشأن البراميل المتفجرة… هل تنكرون أن قواتكم تستعملها؟
– ما أعرفه عن الجيش هو أنه يستخدم الرصاص والصواريخ والقنابل.. لم أسمع عن جيش يستخدم البراميل أو ربما أواني الضغط المنزلية.
*هناك دائما قتلى في الحروب.. كما أن المدنيين يقتلون أيضا.. إلا أن ثمة مسؤولية بموجب القانون الإنساني الدولي تقع على المتحاربين في أن يفعلوا كل ما في وسعهم لحماية المدنيين.
-أولا.. لقد هوجمنا في دمشق وحلب.. هوجمنا من المجموعات المسلحة.. والعكس بالعكس.. إنهم يقصفون السوريين بقذائف الهاون.. وبالتالي علينا أن نرد وأن ندافع عن شعبنا.. هذا بدهي.
ثانيا.. مرة أخرى.. أنت تتحدث عن شخص.. عن حكومة.. تقتل شعبها.. وفي الوقت نفسه فإن الشعب يؤيد حكومته.. هذا متناقض وغير منطقي.. ما تنبغي الإجابة عنه هو كيف يمكن لك أن تقتل الناس وأن تحظى بدعمهم في الآن ذاته.
*هل استخدمت تلك المروحيات غاز الكلور في هجماتها…
-غاز الكلور موجود في أي مصنع وأي منزل في سورية وفي كل مكان من العالم.. إنه ليس مادة عسكرية.
*إذن.. أنتم لا تستخدمون غاز الكلور؟
-لا.. بالتأكيد لا.
*فيما يتعلق بمحاربة “داعش” والقاعدة.. فقد قالت الولايات المتحدة وجهات أخرى إنكم لا يمكن أن تكونوا شريكا في هذه الحرب. هل تريدون أن تكونوا  شريكا… هل تريدون أن تنضموا؟
-شركاء مع من؟
*شركاء مع البلدان التي تهاجم “داعش” حاليا.
-هل تقصد التحالف؟
-لا نستطيع أن نكون في تحالف مع بلد يدعم الإرهاب
*الأردنيون؟
-لا.. بالتأكيد لا نستطيع فعل ذلك. ليست لدينا الإرادة.. ولا نرغب بذلك لسبب بسيط هو أننا لا نستطيع أن نكون في تحالف مع بلد يدعم الإرهاب.
*أي بلد؟
-نحن نحارب الإرهاب.. أما تلك البلدان التي يتكون منها التحالف.. أو معظمها فهي تدعم الإرهاب.
مصدر أيديولوجيا “داعش” وغيره من التنظيمات المرتبطة بالقاعدة هو الوهابيون الذين تدعمهم العائلة المالكة السعودية.. والمجتمع في تلك المملكة أكثر ميلا لـ “داعش” ولقبول أيديولوجيتها
*لقد وجهتم انتقادات قاسية جدا للسعوديين.. الآن.. يقول السعوديون إنهم ضد “داعش”.. إنهم يخشون “داعش” لأن ” داعش” لا ترغب بوجود عائلة مالكة في السعودية.. وبالتالي أليس من المنطقي أن يرغبوا بالقضاء على التنظيم… لماذا يمكن أن يدعموه؟
-أولا.. إن مصدر أيديولوجيا “داعش” وغيره من التنظيمات المرتبطة بالقاعدة هو الوهابيون الذين تدعمهم العائلة المالكة السعودية.. وهكذا.. فإن المهم ليس أن يقولوا إنهم يريدون هذا أو ذاك.. بل المهم هو ما يفعلونه.. المهم هو التدابير التي يتخذونها لإثبات صحة ما يقولون.
*إذن أنتم تقولون إن السعوديين يتحملون درجة كبيرة من المسؤولية عن ظهور هذه الأيديولوجيات وهذه المجموعات المسلحة.
-بالتأكيد.. لا شك في ذلك.
*إذن.. لماذا قاموا باعتقال العديد من المتعاطفين مع القاعدة في السعودية نفسها  ؟
-أعتقد لأنهم يعتقدون أن دورهم سيأتي يوما ما.. لأن المجتمع في تلك المملكة أكثر ميلا لـ “داعش” ولقبول أيديولوجيتها.. هذا هو السبب الحقيقي.
*دعنا نتحدث عن المواقف الأميركية. لا يزال تنحيكم عن السلطة سياسة رسمية في الولايات المتحدة.. لكن ثمة علامات على أن مواقفهم باتت أقل تشددا.. وزير الخارجية الأميركية جون كيري استبدل ذلك بقوله مؤخرا إن عليكم تغيير سياساتكم ؟
-أولا.. نحن لا نحيا من خلال الأميركيين.. بل نحيا فقط من خلال مواطنينا.. هكذا نحيا.. هذا أولا.. وبالتالي فإن هذا لا يشكل حبل نجاة بالنسبة لنا.
ثانيا.. يعتمد الأمر على ما يعنيه بالتغيير.. ما الكلمة التي استعملها…
المهم بالنسبة لنا هو أن نكون مستقلين ولن نكون دمى نعمل ضد مصالحنا
*لكن لابد أنكم تكترثون لذلك.. فسورية معزولة جدا؟
-نحن لسنا ضد التعاون مع أي بلد.. ولن نكون. لسنا نحن من بدأ هذا الصراع مع الآخرين.. هم بدؤوه. هم دعموا الإرهابيين وهم قدموا لهم مظلة.. الأمر لا يتعلق بعزلة سورية الآن.. بل بالحصار المفروض على الشعب السوري والمواطنين السوريين.. هذا يختلف عن العزلة.. الأمر مختلف تماما.
الأميركيون لا يتحدثون إلينا ولا نتحدث إليهم لأنهم لا يتحدثون لغير الإمعات.
*هل تتحدثون إلى الأميركيين… هناك طائرات أميركية في الأجواء السورية طوال الوقت.. هل تنسقون لذلك…
-لا.. لأنهم لا يتحدثون لغير الإمعات.. وقد داسوا بسهولة على القانون الدولي فيما يتعلق بسيادتنا.. ولذلك فإنهم لا يتحدثون إلينا ولا نتحدث إليهم.
*لكني أتساءل لأن هناك قوات عسكرية أميركية في الأجواء السورية.. كما أن القوات الجوية السورية تعمل أيضا في الأجواء السورية.. ولم تحدث أي حوادث بين الطرفين.. لا يبدو أنه تم تبادل إطلاق النار.. ولم يتم إسقاط أي طائرات.. وهذا يوحي بالتأكيد بأن حديثا بين الطرفين هنا.
-هذا صحيح.. لكن مرة أخرى.. ليس هناك تعاون مباشر.
*مباشر، هل يحدث الأمر من خلال العراق… هذا ما يقوله البعض؟
-من خلال أطراف ثالثة هناك أكثر من طرف.. هناك العراق وبلدان أخرى.. تقوم هذه الأطراف أحيانا بنقل الرسائل العامة.. لكن ليس هناك شيء على المستوى التكتيكي.
*وما البلدان الأخرى غير العراق؟
-عندما نقوم بشيء على أراضينا.. فإننا لا نسأل أحدا ولا نخبر أحدا.. بل نفعل ما نريد أن نفعله.
*لا تقولون مثلا..”انتبهوا.. إذا رأيتم مروحيات سورية فوق منطقة معينة في ساعة معينة.. فلا تسقطوها…”.
-لا.. ليس هناك تعاون تكتيكي أو تعاون من خلال أطراف ثالثة إلى هذا الحد.
*هل يعود قصف “داعش” على حكومتكم بالفائدة… من المؤكد أن وزير الدفاع الأميركي السابق تشاك هيغل قال إن الضربات الجوية كانت مفيدة لكم..ثم استقال بعد ذلك بوقت قصير.. هل تشعرون بدرجة أكبر من الأمان بسبب حقيقة أن الأميركيين يساعدونكم في التخلص من أعدائكم…
-هذا السؤال يتناقض مع سؤالك الأول عندما قلت إننا ندعم “داعش” للتخلص من المعتدلين.. إذا كنا ضد “داعش” فإننا لا ندعم “داعش”.-وهكذا فإن سؤالك هذا هو الأكثر واقعية. وجوابي هو نعم.. هناك بعض الفائدة لو كان أكثر جدية وفعالية وكفاءة.. بينما هو ليس كذلك.
*إلا أن حكومتكم وضعت قيودا على وصول الأدوية إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة؟
-أنت تعرف مدينة الرقة الشمالية التي استولت عليه “جبهة النصرة” أولا.. ومن ثم استولى عليها “داعش”…
* الحكومة السورية تمنع وصول قوافل المساعدات إلى المدنيين في تلك المناطق؟
-هذه المناطق نفسها تقصف دمشق يوميا.. هي المناطق نفسها التي تتحدث عنها.. كيف لنا أن نمنع عنها الغذاء في حين لا نستطيع أن نمنع وصول الأسلحة إليها.
*هل ترى في نفسك الناجي الأكبر بين زعماء الشرق الأوسط الآن.
-لا.. ولسبب واحد هو أن الأمر لم يكن متعلقا بي وبنجاتي.. بل بسورية.. كان الأمر يتعلق بالإرهاب وبتغيير الدولة والرئيس لأن الدولة لا تعجبهم أو الرئيس لا يعجبهم ولأن سياسات الدولة والرئيس لا تعجبهم..هذا بيت القصيد.. المسألة ليست شخصية.. لكنهم يريدون شخصنتها كي يربطوا كل شيء بالرئيس.
طبقا للدستور وطبقا لأخلاقيات العمل فإن من واجبي حماية بلادي عندما تتعرض لهجوم وهذا ما أفعله
*لكن يا له من ثمن.. لقد دمرت سورية.. وهناك مئات آلاف القتلى. لقد كنتم أنتم القائد ولذلك ينبغي أن تتحملوا مسؤولية القائد عن بعض ما حدث؟
-نعم.. طبقا للدستور وطبقا لأخلاقيات العمل.. فإن من واجبي حماية بلادي عندما تتعرض لهجوم.. لا أن أهرب.. وهذا ما أفعله؟
*تحدثت إلى مدرسة من القابون.. وهي منطقة تسيطر عليها المجموعات المسلحة بعد أن تعرضت مدرستها للقصف.. وقالت إن القصف يأتي من جانب الجيش السوري.. وأضافت إن من مسؤوليات الرئيس إبقاء الأطفال خارج هذه الحرب.. له أن يحارب الإرهابيين.. لكن ما الذي فعله الأطفال ليستحقوا هذا… ليست لديهم أسلحة.. لقد تحدثت عن الطرفين.. لكنها قالت إن على الرئيس أن يوقف قصف المدارس.. ما رسالتك لها؟
-واقعيا.. ما الهدف من قصف المدارس… لماذا تقوم حكومة بقصف مدرسة… ما الذي نكسبه من ذلك…
السؤال الحادي والستون..
*هل قمتم بقصف المدارس؟
-لماذا نفعل ذلك… لا.. بالتأكيد لا.. لا مصلحة لنا في ذلك.. دع جانبا الواجب والأخلاق وتحدث واقعيا.. ما الهدف الذي يحققه أي جيش عندما يقصف مدرسة.

 

اترك ردا