7 - تقارير وتحقيقات عام

بعد سبع ساعات من التيه في البحر: وصل محمد ارض “ميركل”

لم يتوقع (محمد) صاحب ال26ـ عاما , والذي أدى خدمة العلم تطوعيا في الموصل قبل سقوطها , ان تكون الرحلة نحو الجهة الاخرى من العالم مرهقة بالشكل الذي عاشه برفقة عوائل عربية , من مختلف الجنسيات , وعلى ظهر قارب بلاستيكي لا يرقى للعوم في نهر صغير من روافد نهري بلاده , لكنه خاضها في النهاية بين المغامرة والحرص , وبين الحلم والعلم , حط رجلاه في المانيا , بعد عبور عدة دول وهو يحمل سكينه الخاص .

 ويقول محمد , انه ” ما ان وصلنا الجزيرة اليونانية على الشاطئ أخرجنا السكاكين واغرقنا القارب بتوجيه (المهرّب) كي لا يعرف الطريق أحد غيره , لنصل الى جزيرة عسكرية تحتوي على بعض السوّاح ” , وكأي مهاجر , قام بتسليم نفسه الى مركز عسكري ايضا , قبل ان يسلمهم بدوره الى باخرة عملاقة , تقلهم الى اثينا .

 ولم تتوقف رحلة محمد الذي سبق ان انتقل من الموصل الى كركوك , بسبب الاحداث التي تلت سقوطها في حزيران من العام الماضي , عند أثينا , حيث استقل “الباص” مدة عشر ساعات , باتجاه مدينة “سولونيك”

على الحدود المقدونية , ولم تنتهي كذلك في مقدونيا , أو بلغراد (عاصمة صربيا) , ولكن الخيارات التي بقيت امامه هي من انتهى , حيث قرر بعدها ” دخول هنغاريا مشيا على الاقدام ” في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , على الرغم من التحذيرات العديدة , التي اكدت وجود قطاع طرق في غاباتها .

 ولمّا كانت قصته اشبه ما يكون بسيناريو فلم هوليودي , بعث له القدر من يوثق تفاصيلها , حيث عرضت قناة سويدية مرافقته وأصحابه لتصوير فلم وثائقي عن المهاجرين , وكما يوضح انهم ” صوّروا التفاصيل أولا بأول” لينقلوا للعالم حيثيات الرحلة , قد يكون الهدف منها تعريف الرأي العام الدولي او حتى المشاركة في مسابقة ما , دفعت ثمنه ان ” كادرها هرب بين الاشجار وطورد من قبل المافيات من الغجر , في مغامرة لا تتعدى نسبة السلامة فيها الـ 10 % “.

 أقتحم محمد ورفاقه من نساء ورجال وأطفال الاسلاك الشائكة على الحدود الهنغاريّة , قاموا بتهريب النساء والاطفال بادئ الامر , لكن دورية الشرطة لم تكن لتتركهم بحال سبيلهم , حيث تم تفريقهم , لتنتهي صحبته بالآخرين , قبل ان يستعين بالـ (جي بي أس) الذي دله بمحطة لتعبئة الوقود , فيشهر سكينه بين الخوف الاندفاع , لكنه وجد ضالته , بسوريين اثنين , كانوا يشاركوه الخوف ذاته , والمحنة ذاتها.

 محمد الذي لم يجد شيئا يعرف نفسه من خلاله , كلاجئ في ارض البرد الأشجار العملاقة , القى التحية ليطمئن له السوريان , عارضين عليه الرفقة , ليتم تقسيم مبلغ الـ 200 يورو الذي اشترطه سائق الاجرة , ليوصلهم الى “بودابست” , على ثلاثة في سبيل تقليل المصاريف.

 وفي الوقت الذي تناقش فيه عدة دول في الاتحاد الاوروبي أوضاع اللاجئين , وامكانية تمرير أكبر عدد منهم تحت ضغط المتظاهرين في أكثر مدن القارّة العجوز , كان محمد يناقش عملية قيادة المركب البلاستيكي في تركيا , حيث تطوّع جاره لللقيادة , وهو الذي لم يسبق له ان قاد مركبة مشابهة , تعطلت عدة مرات مركبته , وتلى الركاب الشهادة , في عرض البحر , وبعد سبع ساعات من التيه , وتعطل “الزورق” , بدت ملامح الجزيرة اليونانية تلوح في الافق , لتنتهي السفرة عند ألمانيا , قبلة المهاجرين , وأكثر الدول استقبالا لهم.

 

اترك ردا