7 - تقارير وتحقيقات عام

الى قادة الحشد الشعبي.. قلوبنا ترحل اليكم كل يوم

أبرزت الحرب على الرهاب، قادة ميدانيين، تقدّموا صفوف المقاتلين في ساحات المعارك، واستنبطوا الحيلـة وتدبـروا أمر الدفاع عن شعبهم، بعدما نزلوا عن الكراسي، وعايشوا الجنود، وتوغلوا معهم إلى أعماق ساحات العمليات، فكان ثمار جهدهم، وعلو همتهم، ودلالة فطنتهم، تحرير صلاح الدين وبيجي ومحاصرة داعش في الفلوجة والأنبار.

والحديث لا يدور حول مسؤولين وساسة ارتدوا البدلة العسكرية، شكلاً، لا جوهراً، كأولئك الذين البسوها لأنفسهم، في سلوك مرائي، عبر نشر صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وهم في مواقف تمثيلية لا ينخدع بها، الاّ مغفّل.

ولأنّ جهد أولئك الأبطال الشعبيين، قد قَطَفَ ثمار النصر، بات العراقيون ينظرون بعين الفخر اليهم، أولئك الذين حفروا الخنادق مع الجنود، وأطلقوا الرصاص على الإرهاب، في الجبهات الأمامية مثل أبو مهدي المهندس، وهادي العامري، وقيس الخزعلي، الذين القوا بداعش فـي المهالـك المتلفة، والمواضع المجحفة.

فيما يُظهر المشهد، نقيض هؤلاء، وهم الجالسين على الكراسي، والقابعين خلف أسوار القصور والمحميات، منتظرين انْ يُهدى لهم النصر من الغيب، بيد ان الشعب وضعهم في مكانتهم التي يستحقونها وسيعرفون قدر انفسهم عمّا قريب.

النقيض الآخر للقادة المجاهدين، ساسة وقادة، ونواب، بدوا وكان الحرب على الإرهاب لا تعنيهم، فلم يحركوا ساكنا، ولم يعلنوا تضامنهم، حتى ولو بصورة رمزية مع المجاهدين والمقاتلين في ساحات الوغى، فسعوا الى حرس وطني، ظاهره يوحي بالحرص على الحرب على الإرهاب، وباطنه أقصاء مجاهدي الحشد الشعبي “الفعليين” وقادته، واستبدالهم بآخرين من شباب “الحواضن الإرهابية”.

لقد أطلّ أبو مهدي المهندس على شعبه، بشيْبته البيضاء المصبوغة بملح تراب العراق، مجاهداً قبل أن يكون سياسياً، وفدائياً قبل أنْ يكون مقاتلاً تقليدياً، آثر غبار المعارك، على الكراسي والقصور، تاركا ترفها لسياسيي المنافع، وقادة الهزائم..

أبو مهدي المهندس، وهادي العامري، وقيس الخزعلي، القوا بداعش فـي المهالـك المتلفة، والمواضع المجحفة.

فيما هادي العامري، بإطلالته منذ صفحات الجهاد في العهد البائد، الى قتال التكفيريين منذ 2014، ترسم له صورة البطل المحرّر الى جانب رفاقه في الجيش والحشد الشعبي، بلغ بمبدئيّته وتواضعه، ما لا يُبلغ بالخيـل والجنود، مجسداً لنسق جديد من القيادات الشعبية المتجاوز لنمطية الزعامات العسكرية والسياسية التقليدية، الى التأثير المعنوي المباشر في دفع المقاتل إلى تحرير نفسه قبل الأرض، فأنتجـت له همّته وفطنته حبّ الجنود، وأهالي المناطق المحررة.

فيما يقود الحديث إلى بطل نوعي آخر، هو الشيخ قيس الخزعلي، الحامل لعبأ الحرب، والكاظم للغيض من هول ما عايشه من أهوالها، لم يظهر في يوم بمثل ما يتوقعه المرء من قائد صنديد، تعلو صدره النياشين، وتحفل كتفاه بالرتب، بقدر ما كان بين المقاتلين، مقاتلاً بسيطاً يجلس على الحصير، ويفترش الأرض، وينام بين أولئك الذين يحرسوه اكثر مما يحرسون انفسهم، لانهم احبوه ووثقوا به.

ولكي لا يكون الحديث إنشاءً، علينا بشهادات المقاتلين، الذين حفروا الخنادق بإشراف أولئك المقاتلين، والتحفوا التراب معهم ليؤسسوا بهذا السلوك النبيل، لمنهج الفصائل المقاتلة المنضبطة – حيث تجارب العالم عبر التاريخ تشتكي من عدم القدرة في السيطرة التامة على قوات المتطوعين ـ لتكون أول قوات متطوعين في العالم “ملتزمة” بهذا الشكل، وتحت أمرة قيادة واعية لمهماتها، يسيّرها عقائديا، منهج المرجعية الرشيدة.

إنّ أولئك الأبطال، المهندس والعامري والخزعلي، النقيض الحقيقي لسياسيي الطائفة والمذهب المُجرّبين طيلة عقود، والذين قسموا الشعب وأهانوا الامة، فلا مجال لتجربتهم بعد ذلك، ذلك انّ الذي يستخرج السم مـن ناب الحية، فيبتلعـه ليجرّبه، جانٍ على نفسه.

يظل أولئك الابطال، لزمن طويل من الدهر، أسماء خالدة، بعدما جلّلوا سيريهم بهدي أهل البيت(ع)، وانتفضوا على جبابرة الإرهاب، وهدموا أسس بنائهم، على رغم ما استكثـروا مـــن السلاح والكِراع، حتى اكتسبوا جميل الذكـر، من الشعب والمرجعية الرشيدة، على حد سواء.

اترك ردا