عام فنون ومسرح

البيت البغدادي الثلاثيني: عمارة الآمال الواعدة

ان حدث تأسيس “الدولة العراقية”  في مطلع العشرينات من القرن الماضي، يظل يعتبر من الاحداث الكبرى التى شهدتها  منطقة الشرق الاوسط، سواء لجهة أهميته السياسية، وما ترتب عن ذلك من تداعيات اثرت عميقا على جوانب مختلفة على البلد وعلى سكانه، ام لناحية فرادة الحدث الناجز في منطقة كانت مبتلاة باحتلالات عديدة من قبل جيوش اجنبية. لقد تواءم وجود عدة عوامل مواتية، افضت الى “تخليق” ذلك الحدث السياسي الهام، وجعله يكتسي قيمة تاريخية عالية.

الا ان عقد الثلاثينات (الذي لطالما دعيته بـ <العقد الفريد>) من تاريخ وطننا الحديث، المتكئ على تداعيات ايجابية، وفرها ذلك الحدث الهام، كان فعلا عقداً واعدا، يفيض بآمال “عذبة”، مترعة بطموحات كبيرة، توقعها الجميع لذلك البلد الذي نال اعترافاً دولياً غير مسبوق، في مطلع الثلاثينات، بانضمامه الى منظمة “عصبة الامم” في 3 تشرين الاول (اكتوبر) عام 1932، “كدولة” كاملة العضوية ومستقلة.
معلوم ان تلك الآمال الموعودة وجدت لها تصاديات مؤثرة انعكست في متغيرات كثيرة شملت جميع مناحي الحياة، بضمنها النشاط الإبداعي المتمثل في “العمارة”، وما رافق ذلك من اجراءات تخطيطية جديدة، شملت طبيعة البيئة المبنية، وغيرت من معالمها. اذ تكرست في العقد الثلاثيني، نزعة “الخروج” من اسوار بغداد التاريخية، والتوجه نحو جوارها، والبدء في تشييد احياء سكنية ذات مواصفات تكوينية لا مثيل لها، ظهرت لاول مرة، من خلال حضور “الدارة/ الفيلا”، كمفردة سكنية حديثة، انطوت على خصائص تصميمية جديدة، تمظهرت في “تغطية” الفناء الوسطي، المصاحب لتصاميم البيت السكني التقليدي المعروف، بالاضافة الى وجود “حديقة” ملحقة بالدار، يكون موقعها إما امامها او خلفها، او في موقع الاثنين معاً، فضلاً عن استخدام مواد انشائية حديثة، ذات مواصفات عالية، تتيح التخلص من سلبيات البناء السابق وتفتح امكانات جديدة في صميم العملية التصميمية للبيت السكني المحلي.

اترك ردا