7 - تقارير وتحقيقات عام

معسكرات الديوانية تفتح أبوابها للمتطوعين وتدعو الشباب لتلبية نداء الواجب

لم يمنعه كبر سنه أو ضعف بصره من الوقوف وسط الشباب، ليتدرب على استخدام أنواع الأسلحة واللياقة البدنية التي فقدها بسبب العمر، كريم هلول ذو الستة عقود، موظف في أحد الدوائر الحكومية ضعيف البصر، حرم من التدريب العسكري في شبابه بسببه، أرسل أحد أولاده ليقاتل الإرهاب، ويتدرب مع ولده الثاني ليلحق بالمقاتلين متى ما ناداهم الوطن.

ويروي هلول قصته، ويقول، إن “قصر النظر حرمني في شبابي من التعرف على أنواع الأسلحة والتدريب عليها، وأنهيت خدمتي العسكرية في أقسام الإدارة بالوحدات الثابتة”، ويشير الى أن “لياقتي البدنية بدأت ترتفع يوما بعد آخر من خلال التمارين الرياضية اليومية التي يعكف المدربين عليها قبل البدء على تدريب السلاح”.

ويوضح هلول، أن “التدريب يشمل الدروس العقائدية اليومية والرياضة البدنية، ودروس في الضبط العسكري، إضافة الى التدريب على أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة”، ويلفت الى أن “الروابط الروحية التي نشأت مع الشباب في الفصيل غاية في الإنسانية، فهم في غاية الإيثار ويحاولون جاهدين تجنيبنا نحن كبار السن التمارين الشاقة، لكننا نرفض ذلك ونتسابق معهم لنثبت لهم ان الزمان ما يزال لنا”.

ويضيف المتطوع، أن “الدافع والعزيمة لكل ما أفعل يوميا منذ بداية المعسكر التدريبي لغاية اليوم، حب العراق ووحدة أرضه وشعبه، ويعزّ على الشرفاء رؤية ما يمر به البلد من مصائب وخطر الإرهاب الوقوف والصمت أو الرضا، وسنضحي بأرواحنا وأبنائنا وأموالنا للدفاع عنه من شر الغزاة التكفيريين”، ويبيّن أن “صمتنا عما يحدث سيلحق بنا الضرر، وسيصل الإرهابيين الى عقر دارنا، وشاهد العالم أجمع ما حصل بسورية واليمن وليبيا وشمال وغرب البلاد، وهذا ما لن يكون وعليه فاننا سنقاتل للدفاع عن تراب العراق وشعبه”.

ويستدرك هلول، أن “الأفكار الشيطانية الرامية الى تكفير الآخر بالافتراء على آيات كتاب الله البينات وأحاديث نبي الرحمة (ص)، وآل بيته وصحابته كذبا، يوجب علينا التسلح بالعقيدة والفكر الإسلامي السامي، لنخوض معهم معركة الوجود والبقاء”.

وفي ذات الفصيل العسكري، وقف الشاب أحمد حسين عليوي (17سنة)، على مقربة من كريم هلول، بحماسة وثقة بالنفس، بعد أن أنهى امتحاناته السنوية في الإعدادية، لتلبية نداء الواجب في الدفاع عن العراق وشعبه.

ويقول عليوي، لـ”الغد برس”، إن “دعوة المرجعية التي أخرجت ملايين العراقيين خلف راية واحدة للدفاع عن وحدة العراق أرضا وشعبا من خطر الإرهاب وداعش التكفيرية، أثبتت الى العالم أجمع أن لحم العراقيين مرّ، ومهما اشتدت بهم الفتن، فأن حب العراق وتأريخهم الواحد يجمعهم”.

ويتابع المقاتل، أن “إحساسا بالأمان والمعنويات العالية تملأ قلوب الجميع، وفي كل يوم يمر نشعر بأننا أصبحنا بالفعل رجالا ناداهم الوطن فلبوا ندائه حبا له، وسنضحي بأرواحنا فداء لأرض الأنبياء والتاريخ العريق”، ويدعو “أقرانه الشباب الى الالتحاق بالتدريب والاستفادة من المعلومات التي نتلقاها بدلا من قضاء الوقت في المقاهي والألعاب التي لن تنفع اذا ما ساءت الأوضاع، ليتعلمو كيفية الدفاع عن انفسهم وأسرهم”.

ويبدو أن عشق الوطن كان كافيا ليلتحق مدرب الهندسة العسكرية والألغام، سعد عزيز بديوي، على الرغم من إصابته في كتفه برصاصة قناص، التي أوجبت منحه إجازة من أحد المستشفيات العسكرية، للوقوف في ساحة العرضات ليدرب المتطوعين على كيفية معالجة القنابل والعبوات غير المنفلقة والمنازل المفخخة.

ويقول بديوي، لـ”الغد برس”، إن “ارتباطا روحيا يجمع بين من يقفون على السواتر ويخوضون المعارك مع قوى الإرهاب، لطردهم من آخر شبر عراقي سيطرو عليه غدرا، وبين من يتدربون في المحافظات تلبية لنداء المرجعية، لرفدهم بالعزيمة والعدة والعدد، ليكونوا حماة لظهورهم من الغدر أو الخيانة ثانيا”.

ويوضح المدرب، أن “المواقف التي لمستها في الشباب وكبار السن وحتى الأطفال في ساحات التدريب، تؤكد الاستعداد العالي والرغبة الحقيقة للدفاع عن الوطن، بعيدا عن زعم المتقولين بأن الحرب طائفية، فأبناء الشيعة يدافعون عن السنة من خطر داعش، والسنة يحمون ظهر إخوتهم، والمسيحيين والأيزيديين والصابئة والمسلمين في خندق واحد، لحماية العراقيين بتعدد أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم”.

هجوم إرهابي بالمفخخات والانتحاريين على ثكنة عسكرية، يسقط ضحيته عدد من المقاتلين، ويتمكن مقاتلو داعش من رفع راية دولتهم بمكان العلم العراقي، فينشرون في الأرض فسادا ينهبون ويحرقون ويقتلون من يرفضهم، ويذلون من يرحب بهم ويستبيحون كل المحرمات، وسرعان ما تعالت أصوات القنابل والرصاص لتعلن بدأ هجوم مضاد شنته قوات مشتركة من الجيش والحشد الشعبي، لتقتل من قاوم وتأسر الآخرين، مسرحية نفذها فتية وشباب وسط ساحة تدريب مركز الإرشاد الأسري في الديوانية، لبيان حقيقة زيف داعش وهالتها الإعلامية الفارغة لرفع معنويات المتطوعين.

ويقول مخرج العمل الشاب مسؤول وحدة الكشافة في العتبة الحسينية، حسين طالب، لـ”الغد برس”، إن “التوجه المعنوي والإعلامي واحد من أهم أساسيات التدريب، لرفع معنويات المقاتلين وإيصال الرسائل بعدة طرق واحدة منها الأعمال المسرحية التي نفذها الفتية والشباب المؤمنين بالله وحب العراق”.

ويوضح طالب، أن “الحقائق التي فضح داعش نفسه بها، عن زيف اتخاذه الإسلام دين الرحمة والمحبة والسلام والتسامح غطاء لجرائمه، توجب علينا استغلالها لرفع معنويات المقاتلين، وكيف انهزمت إرادة الشيطان الشريرة أمام فتاوى المرجعية ووصاياها للدفاع عن اسم الإسلام والمقدسات، التي انبرى في ظلها كل غيور ومحب لبلده، وكيف كان لنساء العراق دورا بطوليا مستمدا من تأريخهن العظيم، أسوة بالزهراء (ع)، والسيدة زينب (ع)، والخنساء وغيرهن من الأبيّات، في حشد الهمم والعزيمة للآباء والأخوة والأزواج والأبناء للتصدي لمن يريد بالعراق شرا وسوءا”.

يوما بعد آخر يزداد عدد المقاتلين من الطلبة والشباب والموظفين، للالتحاق بمركز الإرشاد الأسري لتدريب المتطوعين على أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والضبط العسكري، إضافة الى الأساليب القتالية الحديثة في حرب المدن والشوارع كما يؤكد مدير المركز، محمد الفؤادي.

ويوضح الفؤادي، لـ”الغد برس”، أن “أعداد المتطوعين تزداد مع كل يوم، ولم تقتصر على الشباب وحدهم فقد التحق كثير من الفتية والموظفين، للمشاركة في معسكر التدريب الذي أعلن عنه المركز مع بداية شهر رمضان، استنادا لدعوة المرجعية في خطب الجمعة للشباب بالتدريب على السلاح والاستعداد لدرأ الخطر عن العراق ووحدة أرضه وشعبه ومقدساته”.

ويتابع الفؤادي، أن “عدد المتطوعين تجاوز الأربعمائة مقاتل، تملؤهم الهمة والعزيمة والرغبة الحقيقية في التعرف على استخدام الأسلحة والمهارات القتالية والضبط العسكري الذي نركز عليه في المعسكر إضافة الى المحاضرات العقائدية”، ويشير الى أن “التدريب ساعتين من كل يوم بعد الإفطار وصلاة العشاء، وسيستمر حتى نهاية رمضان”.

وكان مركز الإرشاد الأسري في الديوانية، أعلن الأسبوع الماضي، عن بدأ فعاليات معسكر تدريب لطلبة وموظفي المحافظة على السلاح والانضباط العسكري.

اترك ردا