7 - تقارير وتحقيقات عام

قصة عراقي طلب اللجوء من بلجيكا هربا من داعش

فيما يقبع أهالي نينوى تحت أحكام “داعش” غير المعهودة في تاريخ العراق مجبرين، يعلم معظمهم أن الخروج من المحافظة للخلاص “حلم” يعني دفع ثمن باهظ ربما يصل للموت، بينما يرى آخرون أنهم باتوا كـ”العبيد” بسبب التشدد الذي لا يتفق مع أسلوب حياتهم المعتاد، لذلك يقررون الخروج بأي وسيلة. 

في حديقة “هيسل” المخصصة للاستجمام والترفيه غرب بروكسل، يجلس سليم بحر، وهو اسم مستعار لشاب عراقي هرب من الموصل بطريقة لا تخلوا من “الدراما”،

ويتحدث للقادمين بلهجة عراقية موصلية، ثم ما يلبث أن يعود للحديث مع القليلين الذين يشاطرونه “المعاناة” ويبحثون عن ملاذ آمن بعيداً عن “الإرهاب” والتطرف. 
بحر الذي قدم من الموصل متخفياً بمفرده، ثم تنقل في أكثر من بلد بعد ذلك وصل الى بروكسل بـ”شق الأنفس”، وهو الآن يرتب أوضاعه على آمل الحصول على لجوء، ويبدو شاباً عراقياً من عائلة ميسورة، وهذا ما يتضح جلياً من الأموال التي أنفقها وطريقة كلامه، أو حتى الذكريات التي يرويها، والمكتظة بالمال والعمل، إلا أن “المآسي” بدت حاضرة مع تنظيم أطاح بمستقبله وجعله يترك كل ما يملك للنجاة بروحه. 

 

بطعم “مر”

وللخروج من “الجحيم” في الموصل، معنى آخر، خاصة لدى الشباب الراغبين بالعيش بحرية وآمان، إذا يمثل هذين العنصرين أمراً لا يمكن لهم الاستغناء عنه، وهذا ما يحرص الشاب الموصلي على طرحه، فيحاول أن يجد وسيلة يحصل على حياة هادئة، يقول بحر لـ السومرية نيوز، “اتخذت قرار الهروب من الموصل، خوفا من زيادة بطش داعش وقررت الهروب الى تركيا عند ابن عمتي”. 

ويصف بحر الخروج من الموصل بأنه “أصعب مراحل الهروب”، مبينا أنه “خرج منها الى مدينة الرقة السورية، التي تعد معقل داعش، بمعاونة صديق له نصحه بإطلاق لحيته وحلق شاربه ولبس دشداشة قصيرة، ليكون على هيئة رجل قروي”.

ويروي بحر لحظة مروره بأول نقطة تفتيش تابعة لـ”داعش” في قضاء تلعفر، حيث كان يستقل باصاً صغيراً، مبينا “أنهم أوقفوه وسألوه عن وجهته، ليرد عليهم بأنه ذاهب الى الرقة السورية لجلب بضاعة”. 

ويوضح بحر، أن “عناصر داعش عادة لا يسمحون بالخروج من الموصل، إلا في حالات استثنائية، ومنها المريض الذي لا يتوفر علاجه بالمحافظة، وبعد أخذ سند منزله وعند رجوعه خلال مدة محددة يتم إعادة السند إليه”.

“مقامرة” بقدمين حافيتين 

في منطقة الكسرة ضمن مدينة دير الزور السورية المشهورة بجمال طبيعتها الريفية، تبدأ انطلاقة بحر الفعلية المليئة بالمعاناة، عند التوجه الى الرقة ومن ثم الى تل أبيض حيث الحدود التركية، ويقول بحر في حواره مع السومرية نيوز، “في تل ابيض اتفقت مع مهرب، وبعد أربع محاولات مضنية نجحت بالعبور الى تركيا بعدما قام المهرب بقص الأسلاك الشائكة الفاصلة للحدود”، مبينا أنه “عبر من خلال الأسلاك الى الأراضي التركية وكانت الساعة حينها بحدود الثالثة فجراً”.

واصل بحر الركض حافي القدمين دون توقف، خوفاً من جندي تركي عرف عنه عنفه الشديد واعتداءه بالضرب وسرقة مقتنيات الذين يعبرون الحدود بطريقة غير شرعية، ومن ثم يرميهم على الحدود السورية.

بعد مكوثه فترة في مدينة ازمير التركية، توجه بحراً اليونان، بطرق غاية في الصعوبة، ويتذكر بحر ملامح بشر غرقوا أمام عينيه وهم يهمون بالذهاب الى أوروبا بحثا عن مستقبل أفضل، مبينا أنه “توجه بعدها الى العاصمة اليونانية أثينا ثم جوا الى النمسا وبعدها الى ألمانيا”. 

وبشأن محطته الأخيرة وهي بلجيكا، قال بحر، إنه “خرج من المانيا براً وبطريقة التهريب عبر سيارة أقلته الى بلجيكا”.

ويصف بحر ما مر به، بأنه “الموت بعينه، ولم يجبره على المر إلا الأمر منه”، مبيناً إنه “قامر بحياته وبماله وأملاكه وترك خلفه عائلته، من أجل الخلاص والعيش بأمان، بعيداً من التطرف والإرهاب”. 

يذكر أن تنظيم “داعش” سيطر في آب الماضي على كامل مناطق نينوى، وأجزاء من صلاح الدين والانبار، ما دفع بآلاف الأسر الى التفكير في اللجوء إلى الدول الغربية من أجل الخلاص، بسبب ما آلت إليه مناطقهم من خراب وتشدد غير مسبوق تحت حكم مسلحين الكثير منهم “أجانب”

اترك ردا