3 - الصفحة الثقافية عام

الدراما العراقيّة ليست بخير في عام 2015

ربّما يكون 2015 من أسوأ أعوام الإنتاج الدرامي العراقي. لعلّ التقشّف والحرب الجارية الآن مع تنظيم “داعش”، هما من أبرز العوامل التي أثرت في مستوى الدراما كماً ونوعاً. رئيس قسم الدراما في «شبكة الإعلام العراقي» المخرج رضا المحمداوي قال: “ألقى الهبوط الحاد في أسعار النفط في الأسواق العالميّة بظلاله على الموازنة العامّة للعراق. هذا ما دفع الدولة إلى اتّباع سياسة التقشّف في وضع ميزانيات الوزارات ونالت «شبكة الإعلام العراقي» حصّتها من هذه السياسة، إذ تمّ تعطيل عجلة الإنتاج الدراميّ خلال عام 2015 في الشبكة التي تعدّ الراعي الأوّل للإنتاج الدراميّ في العراق، ولم تستطع إنتاج عمل دراميّ واحد بسبب عدم وجود التخصيصات الماليّة اللازمة. لذا، اعتمدت مديرية الإنتاج الدراميّ في شبكة الإعلام على الخزين الذي انتج في 2014، إذ تمّ إنتاج 11 مسلسلاً دراميّاً في العام الماضي عرض منها 6 فقط، وبقي منها 5 جرى إعدادها وتحضيرها للعرض في شهر رمضان هذا العام».

هذه الأعمال التي ستعرضها قناة “العراقية” بحسب المحمداوي، هي مسلسل “حرائق الرماد” (تأليف سلام حربة وإخراج رضا المحمداوي) الذي تؤدي بطولته نخبة من الفنّانين العراقيّين، منهم: ستّار البصري، ومحمد حسين عبد الرحيم، وفاطمة الربيعي، وسمر محمّد، وشمم الحسن، وسعد محسن، وزهور وطه المشهداني، وعبد الجبار الشرقاوي وغيرهم. ميزة المسلسل الرئيسة انّه يخوض في مشاكل وظواهر المجتمع العراقيّ التي برزت عقب سقوط نظام صدّام وأحداث عام 2003، ويستعرض العديد من النماذج والشرائح التي ترمز إلى تلك الظواهر والمشكلات ويخوض في صراع الأجيال في حقبة تاريخيّة شائكة ومعقدة من تاريخ العراق المعاصر. هناك أيضاً مسلسل “وادي السلام” (تأليف أحمد سعداوي، وإخراج مهدي طالب) من بطولة مقداد عبد الرضا، وابتسام فريد وميمون الخالدي. تدور فكرة العمل حول الأحداث التي رافقت الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضدّ نظام صدام ويتّخذ مسرح أحداثه في محافظة النجف وتحديداً في مقبرة “وادي السلام”. المسلسل الثالث هو “رازقية” (تأليف باسل الشبيب وإخراج علي أبو سيف) من تمثيل آسيا كمال وعلي نجم الدين وباسل الشبيب. المسلسل هو بمنزلة الجزء الثالث من السلسلة الدراميّة المعنونة بـ”أعماق الأزقة”، وفيه يتصدّى المؤلف لتعرية جرائم الأجهزة الأمنيّة القمعيّة للنظام السابق ضدّ شرائح وفئات المجتمع العراقي. ويتّخذ العمل من منطقة “الكرّادة” محوراً مكانيّاً رئيساً للكشف عن بعض تلك الجرائم. أمّا العمل الرابع فهو “دنيا الورد” (تأليف عبد الأمير شمخي وإخراج جلال كامل) من تمثيل سناء عبد الرحمن وجلال كامل وفوزية حسن. يعدّ العمل من المسلسلات الاجتماعيّة التي تعرض لحياة مجموعة من السكان في عمارة سكنيّة بنماذج اجتماعيّة متعدّدة ومتنوّعة. ويدور صراع حول ملكية هذه العمارة والإرث المتنازع عليه. وكذلك، نشاهد مسلسل “دولاب الدنيا” (تأليف مشعل عذاب، وإخراج جمال عبد جاسم) من تمثيل إياد راضي وماجد ياسين وقاسم السيد ونزار علوان. العمل كوميدي يدور حول مجموعة من الشباب العاطل عن العمل الذي يبحث عن فرص لدخول معترك الحياة، لكنّه يقع في مواقف كوميديّة.

وعن سبب عدم اهتمام فضائية عراقيّة مثل قناة “دجلة” بإعداد منهاج خاصّ برمضان، يقول مديرها نبيل جاسم: “قرّرنا أنّ الطابع الإخباري للقناة يجب أن يقدّم الخدمة ذاتها التي اعتاد عليها في نسقه العام، وأن لا تخرج القناة عن هذا الطابع. ليس من أهدافنا المتقدّمة تقديم موادّ ذات طابع ترفيهيّ، كما لا يمكننا مجاراة الإغراق الترفيهيّ الذي تقدّمه قنوات عربيّة مهمة”.

قناة “الشرقية” ستقدّم الجزء الثاني من برنامج “زرق ورق” الذي ينتقد ظواهر اجتماعيّة وثقافيّة وفنيّة ضمن إطار ساخر، وستقدّم أيضاً بعض المسلسلات العربيّة التي اشترت حقوق عرضها. الأمر نفسه فعلته “السومرية” التي لم تنتج دراما عراقية هذا العام، وكذا الحال بالنسبة إلى “البغدادية” التي ستوظّف الأجواء الرمضانيّة لبرامجها الحواريّة، ومثلها قناة «الرشيد»، مع الإشارة إلى أنّ التهريج سيكون حاضراً عبر عدد من البرامج المنوّعة هنا وهناك.

مصدر صحافي قال أنّ “هذا الغياب المؤسف للدراما العراقيّة، ليس سببه التقشّف وحده، بل توقّفت منحة إحدى السفارات الأجنبيّة الفاعلة في بغداد التي كانت تقدم لكلّ فضائية تنتج دراما حوالى 5 ملايين دولار سنويّاً، بين عامي 2005 و2010. ومنذ خمس سنوات، توقّفت بعض الفضائيات عن الإنتاج مع توقّف المنحة المذكورة”.

السيناريست حامد المالكي ذكر: «أنظر برعب إلى انهيار قيم الجمال في العراق وهذا أخطر من هجمات «داعش». عندما تتوقّف الحياة في بلد محاط بالإرهاب، تصبح الفنون نوعاً من البطر. وبسبب التقشّف وغياب السيولة النقديّة، توقفت أشياء كثيرة في مقدّمتها الدراما». وأضاف صاحب أعمال “سارة خاتون” و”فوبيا بغداد” و”أبو طبر” الذي سيغيب كليّاً عن هذا الموسم: «ما نمرّ به نكسة حقيقيّة، لا على مستوى الحرب على الإرهاب فحسب، بل أيضاً على مستوى الحرب ضدّ الجهل والتخلّف الفكري والثقافي الذي يجتاح المجتمع العراقي، بفعل تخلّف التعليم ودخول ثقافات غريبة تدعو إلى قطع الرأس وإلغاء الآخر مع ارتفاع الصوت الطائفي، هذه كلّها أدّت إلى عدم استقرار السوق والتراجع في المستوى الإنتاجي للفنّ عموماً، فما يعانيه المسرح تجده في الدراما والسينما والتشكيل».

اترك ردا